" اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو " ( مزمور92 : 12).

كيف ينمو الأرز؟

عندما تتجوّل في الجبال اللبنانية تشاهد كيف أنّ نبتة الأرز تصير أولاً شُجيرة متكورة. وبعد سنوات تنطلق بسرعة إلى العلاء باستطالة. ثمّ تأتي العاصفة فتكسر رأسها. وبعد ذلك تبدأ فروعها بالامتداد عرضيا باتجاهات متشعبة. ثم إذ يأتي الثلج على الشجرة تتقوى فروعها التي تحملها وتصبح أكثر متانة. وإذا تعرضت الشجرة لأي صاعقة تقسمها, فإن الشجرة من جديد يخرج لها ساقا تنمو وكأنها لم تصب بأذى.
فالأرز لا ينهزم بالزوابع والأجواء المتنوعة والرعد والبرق, لأنّ جذوره تمتد في باطن الأرض من خلال شقوق الصخور وثغراتها, إلى ينابيع المياه الحية العميقة.

وهكذا المؤمن يشبه الأرز, ففي أول إيمانه لا يُعرف جوهره تماماً. لكن نوعية متانة إيمانه تكون كامنة فيه من البداية. وقد تراه نشيطاً فرحاً وأنّه بقوته سيخدم المسيح ويجلب إلى حظيرته الخراف ويرتفع للعلاء. ولكن لايطول الوقت حتى تكسره النعمة, ويدرك أنّه لا يقدر أن يرضي الله ولا أن يخدمه بقوته الخاصة.
وعندئذ يطأطئ رأسه, وينمو في أعماق الانجيل, ويمتد في سعة المحبة, ليغلب مستقبلاً الاعاصير والمخاوف والضيقات المتراكمة فوقه كالغيوم السوداء.

وإذ تتمكن الكلمة فيه, ويصبح خليقة قوية لله, عندئذ لا تقتلعه كل العواصف الهوجاء, ولا كل أعمال ابليس وتجاربه. فالآن النعمة تعمل فيه عوضا عن قوته الذاتية.

فالمؤمن الحق "كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو".

.