خبز الحياة
تسجيل

أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟

 

لأنهم أحبوا الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، كانت قاعة المحكمة، ما خلا زاوية واحدة، حالكة السواد ممتلئة ظلمة كأنها مغطاة ببرقع مصنوع من "فانتا بلاك" تلك المادة السوداء التي لا يمكن رؤيتها من شدة سوادها. هناك وفي تلك الزاوية وقف ذاك الذي هو نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ، حيث النُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ، وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. وقف وعيناه تسبران أغوار تلك القلوب المظلمة، يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ وَالأَسْرَارَ. يَعْلَمُ مَا هُوَ فِي الظُّلْمَةِ، وَعِنْدَهُ يَسْكُنُ النُّورُ.

وقف وَهُوَ يُلاَحِظُ كَيْفَ اخْتَارُوا الْمُتَّكَآتِ الأُولَى بعناية؛ كان يقرأ أفكار قلوب أتقاهم وأكثرهم تدينا ويراقب كيف أن َقَلْبُهُمْ ذَاهِبٌ وَرَاءَ كَسْبِهِمْ.

«مَتَى يَمْضِي رَأْسُ الشَّهْرِ لِنَبِيعَ قَمْحًا، وَالسَّبْتُ لِنَعْرِضَ حِنْطَةً؟ لِنُصَغِّرَ الإِيفَةَ، وَنُكَبِّرَ الشَّاقِلَ، وَنُعَوِّجَ مَوَازِينَ الْغِشِّ. قال الأول لصاحبه هامساً.

(هل حقا يسألون أين إله العدل؟ ألم يعلموا أني فِي طَرِيقِ الْعَدْلِ أَتَمَشَّى، فِي وَسَطِ سُبُلِ الْحَقِّ؟)

فأجابه الثاني وهو يفرك يداً بيد، لدي فكرة أفضل: لِنَشْتَرِيَ الضُّعَفَاءَ بِفِضَّةٍ، وَالْبَائِسَ بِنَعْلَيْنِ، وَنَبِيعَ نُفَايَةَ الْقَمْحِ» ما رأيك؟

ما هذا الشعب يا رب؟ أَحْسَنُهُمْ مِثْلُ الْعَوْسَجِ.. أهذا هو الشعب الذي خلقته وجبلته وصنعته لمجدك؟ قَلْبُهُ يَعْمَلُ إِثْمًا لِيَصْنَعَ نِفَاقًا، وَيَتَكَلَّمَ عَلَى الرَّبِّ بِافْتِرَاءٍ؟

أراد أن يذكرهم بالأيام السالفة، وبصوته المريح وجه حديثه اليهم قائلاً: اِسْمَعْ يَا شَعْبِي فَأَتَكَلَّمَ. يَا إِسْرَائِيلُ فَأَشْهَدَ عَلَيْكَ: اَللهُ إِلهُكَ أَنَا.

فقفز أحدهم من الصف الأول مقاطعا ً وصرخ قائلاً: يا أخوة أنا أشهد أن ذاك قال كُلُّ مَنْ يَفْعَلُ الشَّرَّ فَهُوَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَهُوَ يُسَرُّ بِهِمْ..

ما هذه الشهادة؟ حقاً لِسَانُكَ يَخْتَرِعُ مَفَاسِدَ. كَمُوسَى مَسْنُونَةٍ يَعْمَلُ بِالْغِشِّ.  أين سمعت هذامن فم البار ؟

 

يتبع >>..

فادي سمعان يعقوب


.