"حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ، لأَفْعَلَنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ" (عدد 28:14 )

تذمر بنو إسرائيل عدة مرات على الرب خلال مسيرهم في البرية رغم  الآيات العظيمة التي شهدوها من الرب والتي صنعها معهم ليخرجهم من مصر من يد فرعون القاسية، ومن جملة أقوالهم التي كانوا يتذمرون بها على موسى، والتي كانت بالحقيقة موجهة إلى الله:

«لِمَاذَا أَصْعَدْتَنَا مِنْ مِصْرَ لِتُمِيتَنَا وَأَوْلاَدَنَا وَمَوَاشِيَنَا بِالْعَطَشِ؟»

«هَلْ لأَنَّهُ لَيْسَتْ قُبُورٌ فِي مِصْرَ أَخَذْتَنَا لِنَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ؟"

«لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مِصْرَ، إِذْ كُنَّا جَالِسِينَ عِنْدَ قُدُورِ اللَّحْمِ نَأْكُلُ خُبْزًا لِلشَّبَعِ"

«لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ!"

عبارات التذمر والشكوى وتمني الموت كانت معظم الوقت على أفواه العبرانيين بعد خروجهم من أرض مصر، ولم تكن الآيات العظيمة التي فعلها الرب في وسطهم لتدوم طويلا معهم بل سرعان ما كانوا يتناسونها ويذكرون بأسف أرض عبوديتهم التي تركوها, أرض مصر.                    

يا لحماقة الإنسان وشره "بَدَلَ مَحَبَّتِي يُخَاصِمُونَنِي"، لقد كانوا بتذمرهم يهينون الله، لا يصدقونه، ويتكلمون بعبارات واضحة عن تمنيهم الموت عند كل ظرف يقعون فيه لذلك َكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلاً : "حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَذَمِّرَةِ عَلَيَّ؟ قَدْ سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي يَتَذَمَّرُونَهُ عَلَيّ", " قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ، لأَفْعَلَنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ". وهكذا كان. فقد سقطت جثثهم في القفر لأن فم الرب قد تَكَلَّمْ: "لأَفْعَلَنَّ هذَا بِكُلِّ هذِهِ الْجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ الْمُتَّفِقَةِ عَلَيَّ. فِي هذَا الْقَفْرِ يَفْنَوْنَ، وَفِيهِ يَمُوتُونَ».

يا ليتنا نحذر أيها الأحباء من العبارت التي ننطقها ونكررها فكأننا بهذه الكلمات نتنبأ على أنفسنا وعلى مصيرنا، يقول الكتاب المقدس: " اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ، وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ", فإن للكلمة المنطوقة قوة هائلة وكبيرة على حياتنا وعلى حياة الآخرين. فكم من أبوين تسببوا في فشل أبناءهم بعباراتهم السلبية. وكم من عُقد صِغر النفس تشكلت في نفوس هؤلاء الابناء, وكم من رغبة في الهروب والبحث عن المحبة في أماكن خاطئة، وكم من إحباط ومرارة وفشل، كل هذا نتيجة لاستخدام الكلمة بشكل خاطئ وغير مسؤول.

وبالمقابل كم من نفوس بُنيت من خلال كلمة مشجعة, وكم من نفوس تعزّت بكلماتٍ صادقة من قلوب مُحِبة، وكم من أميال قُطعت نتيجة وعد لرجاء حي أبدي, وكم من نفوس جريحة نالت الشفاء نتيجة كلمات كالبلسان.

فلنجعل كل كلماتنا للبنيان و للبركة والنجاح لنفوسنا ولنفوس من حولنا.

بقلم: فاديا يعقوب