مطبوعات
تسجيل

وليم كاري, أبو الإرساليّات

 وُلِد "وليم كاري"، (1761-1834)، في "نورثمبتون" في إنكلترا، وعمل كصانع أحذية لفترة طويلة. طلب "وليم" الخلاص، وتجدّد بالرّوح القدس في الثّامنة عشرة من عمره. استطاع أن يجمع بين العمل والخدمة والدّراسة، فتعلّم اللاّتينيّة واليونانيّة والعبريّة والهولنديّة والفرنسيّة، وقرأ اللاّهوت والآداب بتعمّق. وكانت خدمته ترتكز على التّبشير بالإنجيل والخلاص وسط "الكالفينيّين"، الّذين كانوا يعتقدون أنّ قَدَر الإنسان مرسوم قبل ولادته.

     في العام 1785، انتُخب "كاري" واعظًا في كنيسة معمدانيّة في "مولتن"، وكان يعلّم في مدرسة تقع في المنطقة نفسها. وبعد سنة، رُسِم "وليم كاري" قسّيسًا. وفي خلال هذه الفترة، أُوكل إليه الاهتمام بأمور النّاس الّذين لم يُبشَّروا بالإنجيل في المناطق الوثنيّة. عام 1792 أصدر "وليم كاري" كتيّبًا حول "واجب المسيحيّين في هداية الوثنيّين"، وأسّس أوّل جمعيّة إرساليّة حديثة. قدّم "كاري" عظته المشهورة: "توقّعوا أشياء كثيرة من الرّبّ، وحاولوا عمل أشياء كثيرة للرّبّ"، في اجتماع للخدمة في كنيسة معمدانيّة في "ليشستر"، والّتي تولّى رعايتها سنة 1789. وبعد أربعة أشهر، أسّس "الجمعيّة المعمدانيّة لنشر الكتاب المقدّس وسط الشّعب الوثنيّ"، المعروفة اليوم بـ" الجمعيّة الإرساليّة المعمدانيّة".

.

 

     سافر "وليم كاري"، مع "جون توماس"، إلى البنغال في الهند عام 1793، وتعلّم لغة البلاد بسرعة. وفي عام 1794 تولّى إدارة شركة لصناعة الصّباغة بالقرب من "مِدراس". عام 1798، درس "كاري" لغة الهند الأدبيّة القديمة، وترجم الكتاب المقدّس إلى لغة البنغال. ثمّ انتقل، في العام 1800، إلى مستعمرة دنماركيّة من "سيرامبور"، والّتي صارت مقرًّا له في الأربع وثلاثين سنة المتبقيّة من خدمته الإرساليّة المتعدّدة الجهود، الّتي نشرت تأثيرها في الهند وبعدها في آسيا.

     وفي تلك البلاد، تألّم "وليم كاري" كثيرًا بسبب فقر السّكّان ومعاناتهم. أمّا ألمه الأكبر، فكان لعبادتهم الأصنام في البيوت والطّرقات والمعابد. وكانت الممارسات الشّرّيرة تدفع إلى حرق الأرملة حيّة إلى جانب جثّة زوجها. وقد دفعت، كلّ هذه العادات السّيّئة، "وليم كاري" إلى مواجهتها بصرامة. أمّا التّخلّص منها فكان يعتبر تهديدًا للتّقاليد الاجتماعيّة السّائدة، الأمر الّذي كان يسبّب له المواجهة المستمرّة مع القادة والجماهير. إلاّ أنّ إيمانه بأنّ الله، المحبّ للبشر، يريد خلاص الوثنيّين دفعه إلى عدم الاستسلام ومتابعة البشارة بالإنجيل بلا كلل وبإيمان. اعتمد أوّل مهتدٍ إلى المسيح في خدمة "كاري"، وهو السيّد "كريشنا بال" على يدَي "كاري"، بعد سبع سنوات على عمله الإرساليّ في الهند، وكان ذلك يوم الأحد 28 تشرين الثّاني 1800. ثمّ خدم "كاري" و"كريشنا" وغيرهما من المُرسَلين والوطنيّين بنشاط، وأثمر الرّبّ زرع بشارتهم بخلاص كثيرين وانضمامهم إلى الكنيسة الّتي أسّسها "كاري".

     بالإضافة إلى خدمات "وليم كاري" الرّوحيّة، وبخاصّة الإرساليّة، علّم الّلغات السّنسكريتيّة والبنغاليّة والمراثي في جامعة "فورت وليم". وراقب أيضًا ترجمة الكتاب المقدّس إلى ستّ وثلاثين لغة ودقّق فيها، وأصدر قاموس اللّغتين "البنغالي والإنكليزي". كان "كاري" رائد الإصلاح الإنجيلي في الهند، وأسّس جمعيّة للزّراعة، وعلّم زراعة الأشجار المُثمرة والخضار والأزهار والنّباتات الزّيتيّة، فأصبح "وليم كاري" يُعرف بـ"أبو الإرساليّات الحديثة". توفيّ "وليم كاري" عن عمر 73 سنة، ووُضعت على قبره صلاة كتبها قُبيل وفاته بقليل، قال فيها: "يا ربّ، أنا دودة حقيرة، هزيلة، غير مستحقّة. أنا يا ربّ، أُلقي نفسي على ذراعيك اللّطيفتين".

منقول عن رسالة الكلمة, العدد: 8،  أيار 2007, بقلم: : رولا خيّاط.