نبذه روحية

أعمالي في ميزان الله

إن أكثر الطرق التي يمارسها الناس للتقرب الى الله والتبرر أمامه هي الاعمال الحسنة وأهمها الصلوات والصدقات والأصوام وزيارة الأماكن المقدسة, ولكن ما رأي الله في أعمالي؟

أولاً: أعمالي الحسنة لا تجعلني مقبولاً لدى الله.

ينظر الانسان إلى العينين أمّا الله فينظر إلى القلب، وماذا يوجد في القلب سوى نجاسة الخطية وشناعتها؟! فهل تظن عزيزي القارئ ان الله يقبل عملاً يخرج من قلب وكيان نجستهما الخطيئة؟. هَب أن أحدهم قد أعطاك تفاحة جيدة المنظر وشهيّة للأكل، وليس فيها عيب، ولكن قدمها لك بيد قذرة، هل تقبلها منه؟

إن كان جوابك: لا, فكيف تطلب من الله القدوس الطاهر ان يقبل عملك الحسن الذي تقدمه من قلب ملوث بالخطيئة ؟

 

ثانياً: الله لا يبرئني بميزان الأعمال.

لنفرض جدلا أن الانسان يقوم بأعمال صالحة ومقبولة, ودعنا نقارن ليس كل السيئات بل سيئة واحدة فقط مع كل ما يستطيع الإنسان أن يعمله من حسنات.

من المعلوم أن كلفة الخطأ تقدر بحسب القيمة الأدبية للشخص الـمُساء إليه, أي كلما زاد المقام الأدبي للشخص الـمُساء اليه كلما ازداد العقاب, فمثلاً إن أخطأت في حق زميل لك في العمل قد تكون كلفة خطأك أن يرد عليك بالمثل, وإن أخطأت نفس الخطأ في حق مديرك فذلك قد يكلفك أن تُطرد من عملك, وإن أخطأت نفس الخطأ في حق الملك أو رئيس البلاد فإن ذلك سيكلفك أن تُطرح في السجن أو قد يُؤمر بالحكم عليك بالإعدام. هكذا أيضاً في علاقتنا مع الله، فإن خطايانا هي موجهة بالدرجة الأولى ضد الله باعتبارها كسر لوصاياه، وبما أن الله من حيث مقامه الأدبي غير محدود بالتالي تكون الخطيئة ضده عاقبتها غير محدودة، وبما ان كل ما نعمله من حسنات صادرة من إنسان محدود، بالتالي تكون قيمتها محدودة. وهنا نسأل: (( هل ميزان الاعمال الذي في أحدى كفتيه خطيئة غير محدودة, وفي الاخرى أعمال محدودة, يصلح لنا كبشر)), إن الله من محبته لنا لا يعاملنا وفق هذا الميزان.

ثالثاً: الله لا يقبل أي مبدأ لمجرد ان الجماعة تتبناه.

إن الأغلبية الساحقة من الناس لديهم الاعتقاد بأن الأعمال الحسنة هي سبيل الوصول إلى الله والتبرر أمامه، لكن شيوع هذا الأمر لا يعني بالضرورة صحته، وكمثال على ذلك كان الناس قديماً يظنون أن الأرض مسطّحة ولكنّ العلم فيما بعد أكد أن ذلك خطأً وأن الأرض في الواقع هي مكورة. اذا رغم شيوع ذلك الاعتقاد لكنه كان خاطئاً, لذلك لا يمكننا القول إن الأعمال الحسنة هي سبيل الوصول لله, فقط لأنه اعتقاد شائع من حولنا وآمن به آباؤنا وأجدادنا من قبلهم.

الخاتمة

عزيزي القارئ، إن الكتاب المقدس واضح في قوله، إن "الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد" (رومية3: 12)، وإن الوصول إلى الله ليس بأعمالنا كي لا يفتخر أحد. قد يصعب عليك ادراك ذلك الحق العظيم, ولكن سؤالي: هل الأفضل لك ان يقبلك الله عندما تكون صالحاً؟ ام عندما تكون كما انت.

إن الخلاص لا يمكن ان يكون من عمل الإنسان الخاطئ, لأنه عاجز عن عمل الصلاح والاقتراب الى الله القدوس, انه من عمل الله الذي اقترب الينا في المسيح يسوع ليرفعنا اليه.

ان دعوة المسيح لك ان تأتي اليه  كما انت "تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم"  (متى11: 28), وأن تُسلم له دفة حياتك لأنه قد رتب كل شيء لأجلك ولأجل خلاصك. فهل تقبل دعوته الصادقة والـمُحبة لك؟