دراسات عامة
تسجيل

دمشق في الكتاب المقدس  

تقع دمشق ارام على مسافة نحو خمسة وستين ميلاً شرقي البحر المتوسط, وعلى مسافة نحو 133 ميلاً إلى الشمال الشرقي من أورشليم. والمدينة مقامة في سهل عند السفح الشرقي لجبل لبنان الصغير. وينبع من هناك نهران يجريان شرقاً وهما: نهرا ابانة, وفرفر, المذكوران في الكتاب المقدس (2ملوك 5: 12). ويدعيان الآن بردى والأعوج. ويتفرع هذان النهران إلى جداول كثيرة تسقي مياههما الحدائق والبساتين التي تحيط بدمشق. ثم ينتشران في عدة قنوات تجرى في كل السهل، حتى تضيع معالمهما في المستنقعات التي تقع على حافة الصحراء, على بعد بضعة أميال من المدينة.

.

تقع دمشق على ارتفاع نحو 2300 قدم فوق سطح البحر وجوها معتدل. وفي أوائل الصيف تكتسي دمشق بحلة من اشجار الفواكه من مشمش وجوز ورمَّان وغيرها. وتعتبر مركزاً هاماً لطرق التجارة.

يوجد فيها الشارع الذي يدعى ((المستقيم)) الذي أقام الرسول بولس بالقرب منه لمّا ذهب إلى دمشق (أعمال 9: 11), والذي فيه أعمدة قديمة ربما ترجع إلى عصر الرسول بولس نفسه. وفيها يقع بيت حنانيا (أعمال 9: 10), كما يذكر التقليد في حي (باب توما). وفيها أيضا المكان الذي تدلّى منه الرسول بولس من السور في زنبيل (أعمال 9: 25), ومكانه الآن اقيمت كنيسة. وفيها ايضاً كرز تلاميذ المسيح (اعمال9: 1).

تاريخ دمشق

في قائمة الأمم المذكورة في الإصحاح العاشر من سفر التكوين، يُذكر أرام بين أبناء سام (22 أما أبناء سام فهم: عيلام وأشور وأرفكشاد ولود وأرام 23 وأبناء أرام: عوص، وحول، وجاثر وماش.)

ويُطلقُ الكتاب المقدس على الجزء الشمالي الغربي من بين النهرين اسم (أرامالنهرين) (تكوين24: 10). و(فدانأرام) (تكوين25: 20). ويجمع العهد القديم بين الآباء والأراميين (تكوين24: 3-10+ 25: 20) + (تثنية26: 5). كما أن الإشارات إلى مدن مثل حاران وناحور (تكوين24: 10) تربط الآباء بوادي البلح في الشمال الغربي من بلاد بين النهرين .

لم تقم في بلاد أرام مطلقاً امبراطورية عظيمة ذات نفوذ، بل كانت تتكون من عدة ولايات صغيرة مستقلة في سوريا وشمالي فلسطين. وقد ذكرت بعض تلك الولايات في العهد القديم.

(6 وعندما تبين العمونيون أن داود قد أضمر لهم البغضاء، استأجروا من أرام بيت رحوب وأرام صوبا عشرين ألف راجل، ومن ملك معكة ألف رجل، ومن رجال طوب اثني عشر ألف رجل. 7 فحين بلغ الخبر داود أرسل يوآب وسائر قواته الأبطال، 8 فخرج بنو عمون واصطفوا للقتال عند مدخل باب المدينة، أما أراميو صوبا ورحوب ورجال طوب ومعكة فقد احتشدوا في الحقول) 2صم10: 6-8

وقد كانت أعظم تلك الولايات دمشق, والتي ضمت في بعض الأوقات معظم سوريا فيما عدا الساحل الفينيقي, وقد هزمها الملك داود. ولكنها استعادت استقلالها قبل نهاية ملك سليمان، وأصبحت مملكة قوية منافسة لإسرائيل. وتذكر عادة في العهد القديم باسم " أرام " فقط.

وفي الجانب الآخر للتوسع الأرامي إلى الغرب، قامت في ذلك الوقت دويلة السماليين القوية في كيليكه، كما قامت دويلة أخرى حول أرفاد وحلب، كما قامت دولة أخرى في حماة. وقامت دويلات أخرى في الجنوب على تخوم إسرائيل دخلت في حروب معها ويذكر الكتاب المقدس بعضها, أرام صوبة، وبيت رحوب، وأرام النهـرين, وجشور, ودمشق.

ورغم قوة توسع الأراميين في القرنين الحادي عشر والعاشر قبل الميلاد نتيجة لأفول نجم الإمبراطورية الأشورية في ذلك الوقت, فإنهم لم يستطيعوا مطلقاً تنظيم فتوحاتهم ولا دويلاتهم ذاتها، فلم يشكلوا مطلقاً جسماً سياسيا فعالاً ذي نفوذ.

في (القرن الثامن قبل الميلاد) كان الأراميون قد أحرزوا نصراً كبيراً في مجال الثقافة، إذ اصبحت لغتهم واسعة الانتشار وواسعة الاستعمال, وبشكل خاص في زمن الامبراطورية الرومانية. فاللغة, والسيف الدمشقي, كانا أهم ما يميز آرام.

في بداية القرن الرابع قبل الميلاد استخدم بعض العرب اللغة الآرامية، التي اشتقت منها النبطية التي استخدمت في " بترا ".

ومن الملاحظ أنه بعد رجوع اليهود من السبي حلت الآرامية محل اللغة العبرية كلغة لليهود في فلسطين.

إن اللغة الآرامية هي لغة سامية شمالية كالعبرية والأشورية، لكنها أكثر انتظاماً منهما في شكلها وتركيبها، ولعل هذا يرجع إلى استخدامها كلغة دولية على نطاق واسع، فقد كانت هي اللغة الرسمية في الامبراطورية الفارسية المترامية الأطراف, كما كانت - إلى حد ما - لغة الامبراطورية الأشورية قبل ذلك. ويمكن اعتبار أنها كانت لغة مفهومة فيما بين أسيا الصغرى شمالاً إلى شلالات النيل جنوباً. ومن جبال ميديا شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً.

وبسبب ترامي رقعة البلاد التي انتشرت فيها الأرامية على مدى قرون طويلة ظهرت منها لهجات مختلفة, الأولى هي السريانية (الأرامية الشرقية), والثانية هي الكلدانية (الأرامية الغربيـة). وقد كتبت على الارجح بعض الاجزاء من سفري دانيال وعزرا باللغة الآرامية.

تلفظ دمشق في اللغة العبرية (Duwmeseq) أو (Darmeseq). بحسب قاموس

 Mickelson's Enhanced Strong's Greek and Hebrew Dictionaries 

ونستطيع للسهولة تقسيم تاريخها إلى أربع فترات زمنية:

أولاً- من منشأها حتى ظهور مملكة سليمان (970 ق.م).

بحسب دائرة المعارف الكتابية فإن منشأ دمشق غير معروف. وفي الكتاب المقدس ارتبط اقدم ذكر لها بإبراهيم (تكوين14: 15+ 15: 2), حيث يتم تحديد موقعها جغرافياً, (15 وفي أثناء الليل قسم رجاله، وهاجمهم وقهرهم، ثم طاردهم حتى حوبة شمالي دمشق.) تكوين14: 15.

وايضاً يُذكر أحد ابناءها كرئيس للعبيد عند ابراهيم (2 فقال أبرام: «أيها السيد الرب أي خير في ما تعطيني وأنا من غير عقب ووارث بيتي هو أليعازر الدمشقي؟») تكوين15: 2.

وقد ذكر عن ابراهيم إنه كان " أراميا تائهاً" ( تثنية 26 : 5 ) لأنه خرج من حاران إلى كنعان.

أما في أيام مملكة داود فكانت دمشق مدينة آرامية, وقد عملت مع الدول الآرامية المجاورة لها ك(صوبة) على محاربة مملكة اسرائيل. ونتيجة هذه الحروب تشكلت مملكة آرامية قوية في دمشق. (3 وحين حاول هدد عزر بن رحوب، ملك صوبة أن يسترد سلطته على أعالي نهر الفرات هزمه داود، 4 وأسر من جيشه ألفا وسبع مئة فارس وعشرين ألف راجل، وعرقب داود كل خيول المركبات باستثناء مئة مركبة. 5 وعندما خف ملك أرام دمشق لنجدة هدد عزر ملك صوبة، قتل داود من جيشه اثنين وعشرين ألف رجل. 6 وأقام داود حاميات عسكرية في أرام دمشق، وأصبح الأراميون تابعين لداود يدفعون له الجزية، وكان الرب ينصر داود حيثما توجه)2صموئيل8: 3-6

وفي زمن الملك سليمان وجد شخص اسمه (رَزُونَ بْنَ أَلِيدَاع) الذي أقامه الرب خصماً لسليمان (23 وأثار الله على سليمان خصما آخر هو رزون بن أليداع، الذي هرب من عند سيده هدد عزر ملك صوبة، 24 فضم إليه رجالا، وأصبح رئيسا لعصابة من الثوار، في الحقبة التي دمر فيها داود قوات صوبة. فانطلق رزون بعصابته إلى دمشق وأقاموا فيها واستولوا عليها. 25 وظل رزون خصما لإسرائيل طوال حياة سليمان، فضلا عما خلقه هدد من متاعب. وهكذا ملك رزون في دمشق وبقي عدوا لإسرائيل.) 1ملوك11: 23- 25.

وهكذا قامت مملكة آرامية قوية على حدود إسرائيل، ومعادية لها بقيادة (رَزُونَ بْنَ أَلِيدَاعَ) الذي هو أبي حَزْيُونَ, وكانت مصدر قلق دائم لسليمان.

ثانياً- من وقت انقسام مملكة اسرائيل (930ق. م) حتى انهيار المملكة الآرامية (732 ق.م).

عانت مملكة اسرائيل من الانقسام بعد سليمان, وعانت من النزاعات التي عرضتها للضعف. مما اتاح لدمشق أن تستغل الوضع فتدخل في صراع مع المملكة المنقسمة. وذلك بتأييد احداهما ضد الأخرى. وهكذا سنحت الفرصة عندما استنجد (آسَا) ملك يهوذا (910ق.م) بملك أرام, ضد (بَعْشَا) ملك إسرائيل. (18 فجمع آسا بقية الذهب والفضة الموجودة في خزائن بيت الرب وخزائن قصره، وأعطاها لرجاله، وأرسلهم إلى بنهدد بن طبريمون بن حزيون ملك أرام المقيم في دمشق قائلا: 19 «إن بيني وبينك، وبين أبي وأبيك عهدا، وها أنا باعث إليك هدية من فضة وذهب، فهيا انكث عهدك مع بعشا ملك إسرائيل فيكف عني». 20 فلبى بنهدد طلب آسا، وأرسل رؤساء جيوشه فهاجموا مدن إسرائيل. فدمر مدن عيون ودان وآبل بيت معكة وكل منطقة كنروت وسائر أرض نفتالي.) 1ملوك15: 18- 20

فاضطر بعشا إلى الانسحاب من الرامة ليقيم في عاصمته ترصة (1ملوك15 : 21). وهكذا تنفست يهوذا الصعداء، ولكنها دفعت الثمن غالياً، فقد دفع اسا لبنهدد كل كنوزه، ولعله دفع شيئاً من استقلاله أيضاً.

في ايام الملك آخاب (874ق.م) ملك اسرائيل, حدثت معارك بينه وبين بنهدد الثاني, والأرجح انه ابن بنهدد الأول, والمعروف في الآثار باسم " هدد عزر " أو " هدد إدري ". (1 وحشد بنهدد ملك أرام كل جيشه، بعد أن انضم إليه اثنان وثلاثون ملكا بخيلهم ومركباتهم، وحاصر السامرة عاصمة إسرائيل. 2 ثم بعث بنهدد رسالة إلى أخآب ملك إسرائيل في السامرة تقول: 3 «لي كل فضتك وذهبك وأجمل نسائك وبنوك الحسان»...15 فأحصى أخآب رجال رؤساء المقاطعات، فبلغوا مئتين واثنين وثلاثين. ثم أحصى بعدهم بقية جيش إسرائيل فكانوا سبعة آلاف. 16 واندفعوا عند الظهر من المدينة وبنهدد منهمك في السكر في الخيام مع حلفائه الملوك الاثنين والثلاثين، ...19 وهكذا اندفعت قوات رؤساء المقاطعات من المدينة، وفي أعقابها تقدم الجيش الإسرائيلي 20 وهاجم كل رجل منهم واحدا من جيش الأراميين، فهرب الأراميون، ولاحقهم الإسرائيليون. وتمكن بنهدد ملك أرام مع بعض فرسانه من النجاة على خيولهم. 21 وتقدم ملك إسرائيل واقتحم الخيل والمركبات، وأنزل بالأراميين هزيمة فادحة. 22 واقترب النبي من أخآب وقال له: «اذهب وتأهب، ودبر شؤونك، وفكر بما تفعل، لأنه في نهاية هذا العام يهاجمك ملك أرام،...26 وفي نهاية العام جهز بنهدد جيشا من الأراميين، وانطلق إلى أفيق ليحارب الإسرائيليين...29 وهكذا تواجه الطرفان سبعة أيام. وفي اليوم السابع دارت رحى الحرب، فقتل بنو إسرائيل في يوم واحد مئة ألف من مشاة أرام، 30 وهرب الأحياء إلى داخل مدينة أفيق، فانهار السور على السبعة والعشرين ألف رجل الباقين. أما بنهدد فقد لجأ إلى المدينة واختبأ فيها في مخدع داخل مخدع. 31 فقال له رجاله: «لقد سمعنا أن ملوك إسرائيل ملوك حليمون، فلنرتد مسوحا حول أحقائنا، ونضع حبالا على رؤوسنا، ونخرج إلى ملك إسرائيل، لعله يعفو عنك». 32 فارتدوا مسوحا حول أحقائهم، ووضعوا حبالا على رؤوسهم، ومثلوا أمام ملك إسرائيل قائلين: «عبدك بنهدد يرجو العفو عن حياته». فقال: «ألا يزال حيا؟ هو أخي!» 33 فتفاءل رجال بنهدد، وتشبثوا بالأمل، وقالوا: «نعم هو أخوك». فقال لهم أخآب: «اذهبوا وأحضروه.» وعندما وصل، أصعده معه في مركبته، 34 فقال بنهدد: «إني أرد المدن التي استولى عليها أبي من أبيك، وتقيم لنفسك أسواقا تجارية في دمشق مماثلة للأسواق التي أقامها أبي في السامرة». فأجابه الملك: «وبناء على هذا العهد فإنني أطلقك حرا». فقطع له بنهدد عهدا وأطلقه أخآب.)1ملوك20: 1-34.

وهكذا استعاد الملك أخاب من بنهدد الثاني كل المدن التي اضاعها والده الملك (عمري) (885ق.م), في حروبه مع آرام. وبناء على هذه المعاهدة، أقاموا ثلاث سنين, أرام وإسرائيل بدون حروب ( املوك 22 : 1 ).

بعد ذلك نقضت المعاهدة وحدثت حرب بين بنهدد ملك آرام, وملكي اسرائيل, آخاب ويهوشافاط, في منطقة (راموت جلعاد). ولكن هذه الحرب لم تنجح في استرداد المدينة من أرام رغم اضمحلال قوة أرام في ذلك الوقت، وكانت النتيجة وبالاً على آخاب إذ قُتل في هذه الحرب.

بعد ذلك لم تتوقف الحرب بين اسرائيل وآرام. وبرز نجم نعمان السرياني قائد جيش بنهدد (نحو 852ق.م). الذي ذهب الى اسرائيل للعلاج من برصه (2ملوك5).

ثم بعد فترة من الحروب التي خاضها بنهدد أصابه المرض. فأرسل قائده حَزَائِيلإلى النبي أليشع الذي كان في زيارة لدمشق ليسأله عما إذا كان سيشفى من مرضه. فتنبأ اليشع بموت الملك، ثم بكى وهو يحكي لحزائيل ما سيفعله بملكه وبشعب إسرائيل، فاستنكر حزائيل ذلك، ولكنه انطلق من أمام اليشع, وفي الغد قتل سيده غدراً وأنهى بذلك حياة ملك من أعظم ملوك أرام (2ملوك8: 12-15). وكان قد سبق لايليا بناء على أمر الرب ان مسح حزائيل ملكاً (15 فقال له الرب: «اذهب راجعا في الطريق الصحراوية المفضية إلى دمشق، وهناك امسح حزائيل ملكا على أرام)1ملوك19: 15

في ايام بنهدد الثالثكانت قوة اسرائيل قد ضعفت, وكان ملكها آنئذ (يَهُوأَحَازُ) (814ق.م). فضايقت آرام اسرائيل إلى أبعد الحدود إلى أن أرسل الرب مخلصاً هو (رمَّان نيراري الثالث) ملك أشور في ذلك الوقت (3 فاحتدم غضب الرب على إسرائيل، وسلط عليهم حزائيل ملك أرام، ومن بعده ابنه بنهدد طوال حياته. 4 فتضرع يهوأحاز إلى الرب فاستجاب له، لأنه رأى ما يعانيه شعب إسرائيل من مشقة من جراء مضايقات ملك أرام. 5 فأقام الرب من بينهم منقذا خلصهم من نير الأراميين فسكن الإسرائيليون في منازلهم بطمأنينة كعهدهم في الأيام الغابرة) 2ملوك13: 3-5.

وباستيلاء الأشوريين على دمشق وانهيار الدولة الآرامية التي كان على رأسها (بنهدد الثالث)، أمكن لإِسرائيل ويهوذا أن تستعيدا قوتهما وازدهارهما، فحدث أن عاد (يُوآش بْن يَهُوأَحَاز) (835ق.م) (25 فاسترجع يهوآش بن يهوأحاز من يد بنهدد بن حزائيل المدن التي استولى عليها من أبيه يهوأحاز في الحرب، وهزمه يوآش ثلاث مرات، تمكن خلالها من استرداد مدن إسرائيل) 2 ملوك 13 : 25

وأمكن إسرائيل أن تتنفس بحرية لفتره ما. واستعاد يربعام الثاني ملك إسرائيل (793ق.م) كل ممتلكات بلاده كما كانت في عصرها الذهبي، ولكن نار الحرب التي أرسلها الرب على بيت (حَزَائِيلَ) والتي أكلت قصور بنهدد (عاموس 1 : 4، إرميا 49 : 27 ) كانت في انتظار الوقت الذي فيه يتفرغ الأشوريون لتجديد حملاتهم على الغرب ويسبون السامرة وإسرائيل إلى ما وراء دمشق ( عاموس 5 : 27 ).

في عام (738 ق.م). غزت آشور تخوم دمشق, فدفع (رصين) ملك آرام الجزية لها.ثم بعد نحو سنة أوسنتين تمرد عليها.وحاول بالاتفاق مع (فقح) ملك إسرائيل (740ق.م),أن يدفع مملكة يهوذا للانضمام إلى حلف مضاد للآشوريين (37 وفي ذلك الوقت شرع الرب يرسل على يهوذا رصين ملك أرام وفقح بن رمليا) 2ملوك15:37

(5 عندئذ تقدم رصين ملك أرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل نحو أورشليم لمهاجمتها، فحاصرا آحاز. غير أنهما أخفقا في الاستيلاء عليها) 2ملوك16: 5.

وقدجاء عقاب ملك آرام سريعاً وحاسماً, ففي عام(734ق.م) غزا الأشوريون دمشق وحاصروها حت ىسقطت في (732 ق. م) وأعدم (رصين),وانهارت مملكته،ولاقت المدينة نفس المصير الذي لاقته السامرة بعد ذلك ببضع سنوات, لتنتهي المملكة الآرامية في 732 ق.م.  

(7 وبعث آحاز وفدا إلى تغلث فلاسر ملك أشور قائلا: «أنا عبدك وابنك، فتعال وأنقذني من حصار ملك أرام وملك إسرائيل اللذين يهاجمانني». 8 وجمع آحاز الفضة والذهب الموجودة في هيكل الرب وفي خزائن قصر الملك، وأرسلها إلى ملك أشور هدية. 9 فلبى ملك أشور طلبه، وزحف بجيشه إلى دمشق واستولى عليها، وسبى أهلها إلى قير، وقتل رصين) 2ملوك16: 7-9

وكنتيجة لهذا الامر ذهب الملك آحَاز إلى دمشق ليدفع الجزية لملك اشور. ومن هناك أحضر معه العادات الوثنية, ليغير خدمات الهيكل مظهرا بذلك احتقارا شديدا لأوامر الله (10 وتوجه الملك آحاز إلى دمشق للقاء تغلث فلاسر ملك أشور، فشاهد هناك المذبح، فنقل رسمه وأرسله إلى أوريا الكاهن بكامل تفاصيل صناعته. 11 فبنى أوريا الكاهن مذبحا بموجب الرسم الذي بعثه الملك آحاز من دمشق، وانتظر رجوع الملك من سفرته. 12 وعندما عاد الملك من دمشق، وشاهد المذبح 13 أوقد عليه محرقته وتقدمته، وسكب عليه سكيبه من الخمر، ثم رش على المذبح دم ذبيحة السلام. 14 أما مذبح النحاس القائم أمام الرب، بين مدخل الهيكل والمذبح الجديد، فقد أزاحه إلى جانب المذبح الشمالي. 15 وأمر الملك آحاز أوريا الكاهن أن يوقد محرقة الصباح وتقدمة المساء ومحرقة الملك وتقدمته مع محرقة الشعب وتقدمتهم وسكائب خمرهم على المذبح العظيم، ويرش عليه كل دم محرقة وذبيحة. أما مذبح النحاس فيكون مخصصا للملك لمعرفة الغيب 16 فنفذ أوريا الكاهن أوامر الملك آحاز) 2ملوك16: 10-16.

ثالثاً - من 732 ق.م – 111 ق.م.

فقدت دمشق في تلك الفترة أهميتها السياسية, وبالكاد تذكر طوال قرنين من الزمان.وهناك إشارات عابرة لها في الأسفار المقدسة (حزقيال27: 18 + 47: 16-17+ 48: 1) التي كُتبت بعد السبي الثاني ليهوذا (597ق.م)

في فترة حكم الفرس كانت دمشق مدينة مزدهرة رغم أنها لم تكن ذات أهمية سياسية كبيرة. وقد أعقب سقوط دولة الفرس علي يد الإسكندر الأكبر, قيام دولة السلوقيين (301 ق.م) في سورية، التي جعلت من أنطاكية عاصمة لها، ففقدت دمشق أهميتها كعاصمة لسورية.

رابعاً - من (111ق.م), إلى القرن الأول الميلادي.

انقسمت المملكة السورية في عام (111ق.م) واصبح "أنطيوكس سيزيسينوس" ملكاَ على "بقاع سورية" وأتخذ من دمشق عاصمة له.

استولى(أرتياس) ملك النبطيين على دمشق في (85 ق.م).

استولى بعده "تيجرانس" ملك أرمنية على سورية مدة من الزمن حتى هزمه الرومان.

ضم "بومبي" دمشق إلى الإمبراطورية الرومانية في (64ق.م). وظلت حتى سنة (33 م) مقاطعة رومانية يسكن فيها عدد كبير من اليهود ولهم مجامعهم (اعمال9: 2).

سقطت ثانية في يد النبطيين وحكمها الملك (الحارث), الذي وقف موقف العداء من الرسول بولس (2كورنثوس11: 32-33).

تظهر دمشق في سفر أعمال الرسل حينما كان شاول الطرسوسي متجهاً إليها, وعند مشارفها ظهر له الرب. وفيها أيضاً اعتمد على يد حنانيا. ولما صار يكرز باسم المسيح تعرض لخطر من اليهود فيها, فأخذه بعض التلاميذ ليلاً ووضعوه في سل، وأنزلوه بالحبال من على سور المدينة (اعمال9: 25). وكان ذلك في أيام الحاكم الذي أقامه الحارث الملك (2كورنثوس11 : 32- 33).

مع بداية التاريخ المسيحي لعبت دمشق دوراً ضئيلاً بالمقارنة بالدور الذى لعبته أنطاكية، ولكن أصبح لها اسم خالد بسبب ارتباطها بتجديد الرسول بولس, وكرازته فيها (اعمال9: 2).

نبوات عن دمشق:

*(3 ثم عاشرت النبية فحملت وأنجبت ابنا. فقال لي الرب: «ادع اسمه مهير شلال حاش بز، 4 وقبل أن يعرف الصبي كيف ينادي: ياأبي أو ياأمي، تحمل ثروة دمشق وغنائم السامرة أمام ملك أشور») اشعياء8: 3-4.

التفسير:

النبية هي زوجة النبي إشعياء. والمعنى, ان أشور سوف ينهب كلاً من إسرائيل وأرام لينقذ أورشليم قبل أن يعرف ابن إشعياء الكلام. وقد تم ذلك فعلاً على يد (تغلث فلاسر) بعد حوالي سنة من ولادة (مَهَيْر) ابن إشعياء.

........................................

*(1 نبوءة بشأن دمشق: «انظروا ها دمشق تنقرض من بين المدن وتصبح كومة أنقاض. 2 تهجر مدن عروعير، وتصبح مراعي للقطعان تربض فيها ولا أحد يخيفها 3 تزول المدينة المحصنة من أفرايم، والملك من دمشق، وتصبح بقية أرام مماثلة لمجد أبناء إسرائيل الزائل، هذا ما يقوله الرب القدير) اشعياء17: 1-3.

التفسير:

هنا نجد نبوة على دمشق وإسرائيل (أَفْرَايِم), لأنهما تحالفا معاً, وكانا يداً واحدة ضد يهوذا. فشركاء الخطيّة صاروا شركاء الخراب, وسبب الخراب واضح في الآية (10) (لأنكم قد نسيتم إله خلاصكم، ولم تذكروا صخرة عزكم). فالله يؤدب إسرائيل, كما يؤدب موآب, كما يؤدب دمشق, اذ ليس عنده محاباة. وهكذا استخدم (تغلث فلاسر) ملك أشور, لخراب أفرايم ودمشق معاً. فقتل (رصين) ملك دمشق ونقل اهلها إلى قير (2ملوك16: 9). لتفقد مجدها وتزول من بين المدن متحولة إلى رجمة ردمأي كومة من الأنقاض.

وقد خربت دمشق فعلاً عدة مرات تاريخياً. مرتين علي يد أشور, ثم الكلدانيين, ثم الفرس, ثم اليونان. ومن المتوقع تكرار هذه النبوة في الايام الاخيرة.

........................................

*(23 نبوءة عن دمشق: «قد لحق الخزي بحماة وأرفاد إذ بلغتهما الأنباء المزعجة، ذابتا خوفا واضطربتا كالبحر الهائج. 24 خارت قوى دمشق وأدبرت لتهرب، واستولى عليها الرعب، وأدركها الكرب والألم كامرأة ماخض. 25 كيف لم يبق على المدينة الشهيرة، مدينة مسرتي؟ 26 لذلك سيتساقط شبابها في ساحاتها، ويبيد جميع جنودها في ذلك اليوم، يقول الرب القدير. 27 سأضرم النار في سور دمشق فتلتهم قصور بنهدد»)ارميا49: 23- 27

التفسير:

انها تكرار لنبوة إشعياء السابقة, حيث فيها سقطت دمشق وانتهت على يد (تغلث فلاسر) ملك اشور.

........................................

*( 16 ومن حماة وبيروثة وسبرائم الواقعة بين تخم دمشق وتخم حماة وحصر الوسطى التي على حدود حوران. 17 فتمتد الحدود الشمالية من البحر إلى حصر عينان التي على الحدود الشمالية مع حماة وإلى حدود دمشق جنوبا. فتكون هذه هي حدودكم الشمالية. 18 وتمتد الحدود الشرقية من حصر عينان، بين حوران ودمشق وعلى طول الأردن الفاصل بين جلعاد وإسرائيل، مرورا (بالبحر الميت) حت ثامار. فتكون هذه هي حدودكم الشرقية) حزقيال47: 16-18.

التفسير:

هذه نبوءة عن الايام الأخيرة حيث تكون دمشق على حدود مملكة اسرائيل. قارن (أعمال1: 6).

........................................

*(3 هذا ما يقوله الرب: من أجل معاصي دمشق الثلاث والأربع لن أرد عنها سخطي، لأن أهلها قد داسوا شعبي في جلعاد بنوارج من حديد. 4 لذلك أرسل نارا على بيت حزائيل فتلتهم حصون بنهدد. 5 وأحطم مزلاج دمشق وأستأصل أهل وادي آون، وأهلك حامل صولجان ملك بيت عدن، ويساق شعب أرام إلى السبي إلى أرض قير) عاموس1: 3-5.

التفسير:

كانت جلعاد على الحدود بين أرام وإسرائيل، وقد تعرضت للغزو الآرامي في كل هجوم يشنه الآراميين علىاسرائيل. ولأجل ما فعلت دمشق بجلعاد بل لأجل كل ذنوبها سيأمر الرب بتدميرها وسبي شعبها الى (قير) وقد حدث هذا فعلا على يد تغلاث فلاسر الاشوري. في ايام (آحاز) ملك يهوذا.

ملاحظة: جميع الآيات مأخوذة من كتاب الحياة

بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب

 

حمل الملف على شكل pdf

08.pdf