(1) داود الملك يهيئ لهيكل سليمان: رافقت خيمة الشهادة بني إسرائيل في رحلاتهم في البرية من أول السنة الثانية لخروجهم من أرض مصر( خر 40 : 26 )، إلى السنة الحادية عشرة من ملك سليمان. وقد رأى داود الملك أنه ليس من اللائق أن يظل تابوت عهد الرب ساكنا في شقـق بينما هو يسكن في بيت مكسوة جدرانه بخشب الأرز. ولكن الرب لم يسمح لداود ببناء هذا البيت لأن داود كان رجل حرب وقد سفك دماء كثيرة، وقد قال له الرب إن ابنه الذي يخرج من أحشائه هو الذي سيبني بيتا لاسمه الرب (2صم 7 و 1 أخ 22 : 8 مع 1 مل 5 : 3 ) .

.

 وبدأ داود في أعداد كميات ضخمة من الأخشاب والأحجار والذهب والفضة، وغير ذلك من المواد اللازمة لبناء مقدس للرب، والأدوات اللازمة للعبادة فيه، بل والعمالة الفنية اللازمة، وبخاصة من الصيدونيين والصوريين، وأوصى ابنه سليمان ببناء بيت للرب (1أخ 22 : 2 - 17 ) كما أعطى " سليمان ابنه مثال الرواق وبيوته وخزائنه وعلاليه ومخادعه الداخلية، وبيت العطاء ومثال كل ما كان عنده بالروح لديار بيت الرب ولجميع المخادع حواليه ولخزائن بيت الله، وخزائن الأقداس ولفرق الكهنة واللاويين، ولكل عمل خدمة بيت الرب، ولكل آنية خدمة بيت الرب .. " .. ( وقال له ) : " قد أفهمني الرب كل ذلك بالكتابة بيده عليّ، أي كل أشغال المثال ... تشدد وتشجع واعمل. لا تخف ولا ترتعب لأن الرب الإله، إلهي معك.. " (1أخ 28 : 11 - 21 ) .

(2) وصف الهيكل: بُني الهيكل على أساس خيمة الشهادة، ولكن كانت أبعاده - في أغلبها - ضعف أبعاد خيمة الشهادة.

(3) موقع الهيكل: بُنى الهيكل على التل الشرقي من التلين اللذين كانت أورشليم مبنية عليهما، وهو المعروف باسم " جبل المرياً ( 2 أخ 3 : 1 ) ، أو " جبل صهيون " ، حيث كان بيدر أرنان اليبوسي، حيث بنى داود مذبحا للرب لتكف ضربة الوباء عن الشعب (1 أخ 21 : 22 ، 2 أخ 3 : 1) .

(4) مساعدة الفينيقيين: طلب سليمان المعاونة من حيرام ملك صور، فأذن لسليمان أن يرسل عبيده لقطع الأخشاب في لبنان والمعاونة في نقلها، وفي قطع الحجارة ونحتها.

(5) بناء الهيكل: كـان طولـه سـتين ذراعـاً، وعرضـه عشرين ذراعاً، وارتفاعه ثلاثين ذراعاً، مبنياً من الحجارة. وكانت به حجرات في ثلاثة طوابق, ويدور حول جوانب البيت وخلفه وأمامه رواق فخم، وكان يقوم أمامه عمودان من نحاس هما " ياكين " على اليمين ، و" بوعز " على اليسار، ويعلو كل عمود منهما تاج (1مل 7 : 21 ، 2 أخ 3 : 4 و 15 - 17).

وكانت الجدران من الداخل مكسيّة بخشب أرز من الأرض إلى السقف، وفرشت الأرضية بأخشاب سرو، وغشى سليمان البيت من داخل بذهب خالص. وكل المذبح الذي للمحراب غشاه بذهب، وعمل في المحراب ( قدس الأقداس ) كروبين من خشب الزيتون، وغشى الكروبين بالذهب .

وجميع حيطان البيت في مستديرها رسمها نقشا بنقر كروبيم ونخيل وبراعم زهور من داخل ومن خارج . وغشى أرض البيت بذهب من داخل ومن خارج .

وعمل لباب المحراب مصراعين من خشب الزيتون .. ورسم عليهما نقش كروبين ونخيل وبراعم زهور وغشاهما بذهب ، ورصَّع الكروبيم والنخيل بذهب . وكذلك عمل لمدخل الهيكل قوائم من خشب الزيتون مربعة ، ومصراعين من خشب السرو, غشاها بالذهب.

(6) تاريخ هيكل سليمان: تأسس الهيكل في السنة الرابعة من حكم الملك سليمان (1مل6 : 1) واستغرق بناؤه نحو سبع سنوات (1مل 6 : 38) . وعند إتمامه أحضروا تابوت العهد من صهيون في احتفال عظيم ، وقدموا أعداداً هائلة من الذبائح ووضعوا التابوت في مكانه في قدس الأقداس - ولم يكن به سوى لوحي الشريعة - ثم تم تدشين الهيكل، وصلى سليمان صلاته الجميلة (1مل 8 : 22 - 53 ، 2 أخ 6 : 12 - 42 ) . واستمرت الاحتفالات على مدى أربعة عشر يوما ( 2 أخ 5 : 9 ) . وفى نهاية الاحتفالات ، امتلأ بيت الرب سحابا ولم يستطع الكهنة أن يقفوا للخدمة بسبب السحاب لأن مجد الرب ملأ بيت الله " ( 2 أخ 5 : 14 ) . وصار الهيكل المكان الوحيد للعبادة.

بعد موت سليمان انقسمت المملكة، وأقام يربعام بن نباط عجلي ذهب أحدهما في بيت إيل والآخر في دان، فلم يعد الهيكل في أورشليم هو المكان الوحيد للعبادة ( 1 مل 12 ك 25 - 33 ) .

في السنة الخامسة للملك رحبعام بن سليمان، قام شقيق فرعون مصر بحملة على يهوذا وأورشليم " وأخذ خزائن بيت الرب، وخزائن بيت الملك وأخذ كل شيء، وأخذ أتراس الذهب التي عملها سليمان ( 1 مل 14 : 25 - 28، 12 أخ 12 : 2 - 9 ) .

في ايام الملك أبيام عملت امه معكة التي كانت تمارس عبادة الاوثان "تمثالاً لسارية" في الهيكل، ولكن اسا - حفيدها - خلعها من أن تكون ملكة، وأحرق تمثالها " في وادي قدرون " ( 1 مل 15 : 2 و 12 و 13 ) . ولكن للأسف آسا نفسه " أخذ جميع الفضة والذهب الباقية في خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك، ودفعها ليد عبيده وأرسلهم الملك اسا إلى بنهود .. ملك أرام " ليصد عنه بعشا ملك إسرائيل ( 1 مل 15 : 18 و 19 ) .

ثم تعرض الهيكل مرة أخرى للتخريب على يد عثليا الخبيثة وأبنائها، مما استلزم أن يقوم يَهُوآشُ ملك يهوذا بتجديد بيت الرب (2مل 12 : 4 - 15 ، 2 أخ 24 : 4 - 14).

ثم جاء يوآش ملك إسرائيل " إلى أورشليم ، وهدم سور أورشليم .. وأخذ كل الذهب والفضة وجميع الآنية الموجودة في بيت الرب ، وفي خزائن بيت الملك ورجع إلى السامرة " ( 2 مل 14 : 13 و 14 ) .

في ايام الملك يهوشافاط تم توسيع الفناء وبناء دار جديدة ( 2 أخ 20 : 5 ) ، كما بنى يوثام بابا جديـداً ( 2 مل 15 : 35 ، 2 أخ 27 : 2 ) .

أما الملك الشرير آحاز فقد ذهب إلى أبعد مما ذهب إليه سابقوه ، في تدنيس الهيكل . فبعد أن " أخذ الفضة والذهب الموجودة في بيت الرب وفى خزائن بيت الملك وأرسلها إلى ملك أشور هدية " لينقذه من ملك أرام ، أرسل إلى أوريا الكاهن شبه المذبح الذي رآه في دمشق .." فبنى أوريا الكاهن مذبحا حسب كل ما أرسل الملك آحاز من دمشق … فلما قدم الملك من دمشق ، رأى الملك المذبح فتقدم الملك إلى المذبح وأصعد عليه ، وأوقد محرقته وتقدمته وسكب سكيبه ( 2 مل 16 : 8 - 18 ) .

في ايام الملك حزقيا ملك يهوذا التقي, جرت محاولة للإصلاح الديني ( 2 مل 18 : 1 - 6 ، 2 أخ 29 : 31)، ولكن حزقيا رغم محاولته هذه اضطر إلى أن يأخذ " جميع الفضة الموجودة في بيت الرب وفى خزائن بيت الملك .. قشر حزقيا الذهب عن أبواب هيكل الرب والدعائم التي كان قد غشاها حزقـيا ملك يهوذا، ودفعه لملك أشور " ( 2 مل 18 : 13 - 16 ) .

في أيام الملك منسى ازدادت الأمور سوءاً، إذ عاد وبنى المرتفعات التي أبادها حزقيا أبوه، وأقام مذابح للبعل، وعمل سارية ... وبنى مذابح في بيت الرب ... وبنى مذابح لكل جند السماء في داري بيت الرب " ( 2 مل 21 : 3 - 7 ، 2 أخ 33 : 3 - 11 ) . ثم حدث أعظم إصلاح في أيام يوشيا الملك التقي، الذي قام بترميم الهيكل. وفي أثناء الترميم وُجد سفر الشريعة ، الذي أدى اكتشافه إلى تجديد العهد مع الله، وازالة المرتفعات وتطهير الهيكل تطهيراً كاملاً من كل الرجاسات ( 2 مل 22 ، 23 : 1 - 5 ، 2 أخ 34 ، 35 ) ، ولكن قلب الشعب لم يكن قد تغير، فبعد موت يوشيا، سرعان ما عادت الشرور القديمة بكل قوة (حز 8 : 7 - 19 ) .

(7) التدمير النهائي: في أيام يهوياقيم بن يوشيا ، صعد على الهيكل نبوخذ ناصر ملك بابل، وأخذ بعض آنية بيت الرب إلى بابل، " وجعلها في هيكله في بابل " ( 2 أخ 36 : 5 - 7 ).

وفي أيام ابنه يهوياكين " صعد عبيد نبوخذ ناصر ملك بابل إلى اورشليم ، فدخلت المدينة تحت الحصار ، وجاء نبوخذ نصر ملك بابل على المدينة ... وأخرج من هناك جميع خزائن بيت الرب، وخزائن بيت الملك، وكسَّر كل آنية الذهب التي عملها سليمان ملك إسرائيل في هيكل الرب " (2مل 24 : 8 - 10).

وفي أيام صدقيا بن يوشيا، في السنة التاسعـة لملكه ( 586 ق.م ) " جاء نبوخذ ناصر ملك بابل هو وكل جيشه على أورشليم " وأخذوا صدقيا أسيراً بعد أن قتلوا أبناءه أمام عينيه، ثم " قلعوا عيني صدقيا وقيدوه بسلسلتين من نحاس وجاءوا به إلى بابل " (2مل25 : 1 - 6 ). وبعد ذلك بنحو عشر سنوات ، " جاء نبو زردان رئيس الشرط عند ملك بابل إلى أورشليم ، وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت العظماء أحرقها بالنار " ( 2 مل 25 : 8 و 9 ) . وهكذا أنتهى الهيكل الذى بناه سليمان ، بعد نحو 400 سنة من إقامته.

(8) الهيكل الثاني, هيكل زربابل: بعد ثمانية وأربعين عاماً من تدمير نبوخذ نصر لهيكل سليمان، انتهت الإمبراطورية البابلية ( 538 ق.م.) وحلت محلها الإمبراطورية الفارسية بانتصار كورش ملك فارس. وفي السنة التالية اصدر كورش الملك أمراً بعودة اليهود المسبيين، إلى بلادهم وإعادة بناء الهيكل فى أورشليم (2أخ 36 : 23، عز1 : 1 - 4)

ولم يقتصر الأمر على أن يأمر كورش بإعادة أواني الهيكل المقدسة (عز1 : 1 - 11)، بل أمر داريوس الملك أيضاً بأن تُغطى النفقـة (التكاليف) من بيت الملك. وأمر حكام الولايات الواقعة غربي الفرات بأن يقدموا لليهود كل ما يلزم لبناء الهيكل وتقديم الذبائح أيضاً ( عز 6 : 3 - 12 ) .

عادت الجماعة الأولى من المسببين - ولم يتجاوز عددهم أربعين ألفا - بقيادة "شِيشْبَصَّرَ رَئِيسِ يَهُوذَا " ( عز 1 : 8 و 11 ) ، والذى يرجح الكثيرون أنه الاسم البابلى لزربابل الذى يسمى " والى يهوذا" ( حج 1 : 1 ) وكان معهم أيضاً يشوع أو يهوشع الكاهن العظيم ( عزه : 5 ، زك 3 : 3 ) . وكان أول عمل قاب به يشوع وزربابل هو بناء المذبح فى موقعه القديم، في الشهر السابع من عودتهم من السبي، وقدموا عليه الذبائح ( عز 3 : 3 ) ، وطلبوا من الصيدونيين والصوريين المساعدة فأمدوهم بخشب أرز من لبنان لبناء بيت الله ( عز 3 : 7 ) . ووضعوا أساس الهيكل في السنة الثانية باحتفال عظيم وسط بكاء الرجال المسنين الذين رأوا البيت السابق الذي بناه سليمان ( عز 3 : 8 - 13 ) . ولكنهم قوبلوا بمعارضة شديدة من السامريين وغيرهم الذين أرادوا أن يشاركوهم فى بناء البيت، ولكن زربابل ويشوع وبقية رؤوس الآباء رفضوا هذا العرض. فأرسلوا شكوى لملك فارس ، كان من نتيجتها أن توقف العمل في بناء الهيكل مدة خمسة عشر عاماً إلى السنة الثانية من مُلك " داريوس هستاسبس "(250 ق.م . - عز 4 ) . وجاء النبيان حجي وزكريا وأيقظا حماسة الشعب التى كانت قد فترت، فاستصدروا إذنا جديداً من الملك، واستأنفوا البناء بسرعة حتى تم في (516 ق.م) . واحتفلوا بتدشينه بفرح عظيم ( عز 5 ، 6 ).

بُني هيكل زربابل على نفس الموقع القديم. ولم يكن بفخامة هيكل سليمان (عز3 : 12، حج 2 : 3). ولم يكن تابوت العهد فيه.

تمّ تدنيس هذا الهيكل على يد أنطيوخس إبيفانس (1مك 1 : 21 و 22 ) . ولكن بعد ذلك يهوذا المكابي قام بتطهير الهيكل مما دنسه به أنطيوخس ، كما هدم المذبح المدنس وبنى مذبحاً جديداً (1مك 4 : 41 - 50 ) وأصبح ذلك اليوم أساساً للاحتفال " بعيد التجديد " ( يو 10 : 22 ).

(9) الهيكل الثالث, هيكل هيرودس: لم يكن الهيكل الـذي بُني بعد العودة من السبي البابلي من الفخامة, بالصورة التي ترضي طموح رجل مغرم بالمظاهر مثل هيرودس الكبير. وبناء على ذلك شرع في إعادة بناء الهيكل على صورة أفخم، ويبدو أن ما دفعه إلى ذلك كان محاولة منه لكسب رضاء اليهود على ملكهم الأدومي. وما قام به هيرودس كان إعادة بناء للهيكل، فليس من السهل أن يقال عنه إنه " هيكل ثالث " ، لأن هيرودس نفسه قال إنه إنما أراد أن يوسِّع هيكل زربابل ويجمِّله. وبعد أن قام بالتجهيزات اللازمة، شرع في البناء في السنة العشرين من حكمه ( 19 ق.م. ) في وجه معارضه شديدة. ولكي يرضي اليهود، أمر بتدريب ألفاً من الكهنة على أعمال قطع الأحجار والنجارة وأعمال الديكور، حتى لا تمتد يد غير طاهرة إلى البناء المقدس. وأكمل العمل فى المقدس الرئيسى فى خلال 18 شهراً ، أما باقي الأبنية فقد ظل العمل جاريا فيها في زمن الرب يسوع المسيح (يوحنا 2 : 20 ) ، ولم تكمل تماماً إلا في عام (64 م) في عهد أغريباس الثاني، أي قبل تدميره نهائيا بست سنوات فقط .

قام هيرودس بتسوية المساحة اللازمة لإقامة الهيكل فوقها، وبلغ طولها من الشمال للجنوب( 540 ) متراً ، ومن الشرق إلى الغرب (300 متر)، وأحاط هذه المساحة بسور من حجارة ضخمة ، طول الحجر الواحد خمسة أمتار وارتفاعه متر (مرقس 13: 1). وفي الركن الجنوبي الشرقي الذي يطل على وادي قدرون، كان الفناء الداخلي يرتفع نحو (45) متراً فوق الصخر. ولعل المتراس فوق هذا الركن كان هو المعروف بجناح الهيكل ( مت 4 : 5 ). ومازالت بعض أجزاء من هذا الحائط قائمة.

وفي الركن الشمالي الغربي كانت تقوم قلعة أنطونيا التي تطل على الفناء. وكانت هذه القلعة هي مقر الوالي في أثناء إقامته في أورشليم، وكانت الحامية العسكرية المقيمة فيها، على استعداد دائم لقمع أي شغب في الهيكل (لو 13 : 1 ، أع 21 : 31 - 35) . وكانت ملابس رئيس الكهنة تخزن فيها أيضاً ضماناً للخضوع.

وكان الفناء الخارجي للهيكل محاطا برواق داخل الأسوار. وكما يصفه يوسيفوس : كان في الرواق الجنوبي أربعة صفوف من الأعمدة ، وكان يسمى الرواق الملكى . أما الأروقة في الجوانب الأخرى فكان بكل منها صفان فقط . وكان رواق سليمان يمتد على الجانب الشرقي ( يو 10 : 23 ، أع 3 : 11 ، 5 : 12 ) . وكان الكتبة يلقون دروسهم ويعقدون محاوراتهم في أبهاء الأعمدة ( لو 2 : 46 ، 19 : 47 ، مر11: 27). أما الباعة والصيارفة فكانت لهم موائدهم ( يو 2:11-16, لو 19 : 45 و 46). وكانت المنطقة الداخلية ترتفع قليلا عن فناء الأمم ويحيط بها درابزين . وكانت هناك لوحات مكتوب عليها باليونانية واللاتينية لتحذير الأمم من اختراق هذا السياج، إذ كانت عقوبة ذلك الموت. وقد اكتشفت اثنتان من هذه اللوحات. وكانت هناك أربعة أبواب في كل من الجانبين الشمالي والجنوبي، وواحد في الشرق، وكان لهذا الباب مصاريع مزخرفة من النحاس. ولعله هو الباب الذي كان يطلق عليه " الباب الجميل " (أع 3: 2) . وكان في الفناء الداخلي ( فناء النساء), وفيه صناديق للعطاء اللازم لخدمات الهيكل ( مر 21 : 14 - 44) . أما الرجال فكان مسموحاً لهم بالدخول إلى فناء إسرائيل الذي كان يرتفع عن مستوي فناء النساء. وفي أيام عيد المظال كان يمكنهم الدخول إلى الفناء الداخلي ( فناء الكهنة ) للاقتراب من المذبح الذي كان مبنيـا من حجارة غير منحوتة، وعلى بعد 22 ذراعاً من الرواق (مت 23: 35 ) . وكان الرواق مربعاً طول ضلعه 100 ذراع ، وارتفاعه 100 ذراع ، والمدخل باتساع عشرين ذراعاً، وارتفاعه أربعون ذرعاً. وكان الباب المؤدي إلى المقدس أربعين ذراعاً طولاً، وعشرين ذراعاً عرضا، وكان يفصل بين القدس وقدس الأقداس الحجاب ( مت 27 : 51 ، مرقس 15 : 38 ). وكان قدس الأقداس مربعا ، طوله عشرون ذراعاً وعرضه عشرون ذراعاً، وارتفاعه أربعون ذراعاً. وكانت هناك حجرة خالية فوق القدس وقدس الأقداس ترتفع إلى ارتفاع الرواق، أي إلى مائة ذراع. وكانت تحيط بالجوانب الشمالية والجنوبية والغربية حجرات من ثلاثة طوابق لارتفاع أربعين ذراعاً. وكانت هناك شبكة من الأشواك الذهبية لمنع الطيور من أن تحط على سطح الهيكل. وقد دمر تيطس القائد الروماني هذا الصرح الفخم في 70 م، وأخذ معه المنارة الذهبية، ومائدة خبز الوجوه وغيرها غنيمة معه إلى روما، كما هو مبين على قوس تيطس بروما.

(10) الهيكل الرابع, هيكل حزقيال: من الواضح أن الهيكل الذى رآه حزقيال النبي في رؤياه ( حز 40 : 2 - 47 : 2 ) يختص بالأزمنة الأخيرة عقب القضاء على جوج وجحافله ( حز 38 ، 39 )، ولذلك يرى بعض المفسرين - ممن يعتقدون بأن مجيء المسيح ثانية سيسبق الملك الألفي - أنه سيكون هناك هيكل بهذه الصورة فى أيام مُلك المسيح. وسيبنى هذا الهيكل على نمط هيكل سليمان، وتوصف أبوابه بالتفصيل (حز40: 6 - 44)، وهى تماثل تماماً الأبواب التي كشف عنها المنقبون الأثريون في مجدو وحاصور وجازر، والتي ترجع إلى عصر سليمان ، وبخاصة فيما يتعلق بالباب الشرقي (حز 40 : 6 - 16) . وأهم المعالم الرئيسية في هيكل حزقيال هو التماثل الهندسي، فكل جانب من جوانبه الأربعة خمس مئة قصبة[القصبة نحو ثلاثة أمتار] (حز 42 : 15 - 20 ) . ولكن لم يذكر حزقيال في محتويات الهيكل بحر النحاس (1مل 7 : 23 - 26 ) ، اذ يبدو أنه حل محله ، المياه التي تخرج من تحت عتبة البيت نحو المشرق، والتي تحولت إلى نهر سباحة لا يُعبر، والذي وصل إلى البحر الميت، فشفى مياهه. وأصبح يفيض بالأسماك، وينبت على شاطئ النهر " كل شجر للأكل لا يذبل ورقه ولا ينقطع ثمره ... ويكون ثمره للأكل وورقه للشفاء " ( خز 47 : 1 - 12)، وهي أوصاف شبيهة بتلك المذكورة في سفر الرؤيا ( 22 : 1 - 5) عمَّا سيكون في ملك المسيح.

هيكل حزقيال