دراسات عامة
تسجيل

الطوفان

"وَتَعَاظَمَتِ الْمِيَاهُ كَثِيرًا جِدًّا عَلَى الأَرْضِ، فَتَغَطَّتْ جَمِيعُ الْجِبَالِ الشَّامِخَةِ الَّتِي تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ" تكوين 7: 19

إن حادثة الطوفان المذكورة في الكتاب المقدس بأدق تفاصيلها مع الفلك الذي امر الله نوح ان يصنعه لا نجد لها مثيلا في أي كتاب آخر من نواح عديدة منها:

1-  طريقة صنعه: مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ. ومطلي من دَاخِل وَمِنْ خَارِجٍ بِالْقَارِ وله نوافذ أوفتحات إضاءة وبابه في جانبه وفيه مَسَاكِنَ سُفْلِيَّةً وَمُتَوَسِّطَةً وَعُلْوِيَّةً

2-  أبعاده : ((ذراع ) 300 * 50 * 30 ) وباعتبار الذراع يساوي 46 سم ، تكون أبعاده بالمتر تقريباً (138* 23* 14*)

3-  تحديد التوقيت: الذي فيه سيبدأ الطوفان ومدة هطول المطر وهي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً..

 

4-  عدد الأشخاص: الداخلين الى الفلك وأسماءهم وهم ثمانية فقط : نُوح، وَسَام وَحَام وَيَافَثُ بَنُو نُوحٍ، وَامْرَأَةُ نُوحٍ، وَثَلاَثُ نِسَاءِ بَنِيهِ، بالإضافة الى الحيوانات والطيور.

5-  تاريخ بداية الطوفان: بالنسبة لعمر نوح وهي: فِي سَنَةِ سِتِّ مِئَةٍ مِنْ حَيَاةِ نُوحٍ، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، فِي الْيَوْمِ السَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ فِي ذلِكَ اليَوْم انْفَجَرَتْ كُلُّ يَنَابِيعِ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ، وَانْفَتَحَتْ طَاقَاتُ السَّمَاءِ.

6-  ارتفعت المياه: 15 ذراعاً (7 أمتار تقريباً) فوق قمم الجبال.

7-  مدة تعاظم المياه: على الأرض 150 يوماً بعدها هدأت المياه.

8-  التحديد بدقة وقت استقرار الفلك : وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ، فِي الْيَوْمِ السَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ، عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ. (ارتفاع جِبَالِ أَرَارَاطَ حوالي 5000 متر)

9-  تاريخ جفاف الأرض: وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ وَالسِّتِّ مِئَةٍ،...فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، فِي الْيَوْمِ السَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، جَفَّتِ الأَرْضُ.

فيقول قائل : نعم لقد حدث الطوفان ولكنه كان في بقعه جغرافية محددة ولم يشمل كل الأرض؟!

والجواب :

أولاً: ما الحاجة عندها لبناء فلك بهذه الضخامة ؟ كان الأولى أن ينقل الله هؤلاء الثمانية أشخاص الى بقعة أرض أخرى .. فلماذا هذا العناء .. ولما هذا العدد الضخم من الحيوانات التي أُحضرت الى الفلك؟!

ثانياً: عندما تغطي المياه قِمم الجبال وترتفع فوقها حوالي السبعة أمتار فهذا يعني شمولية الطوفان لأن المياه لا يمكن أن تكون الا على مستوٍ واحد .

ثالثاً: قول الرب في (تكوين 6 : 17) "فَهَا أَنَا آتٍ بِطُوفَانِ الْمَاءِ عَلَى الأَرْضِ لأُهْلِكَ كُلَّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. كُلُّ مَا فِي الأَرْضِ يَمُوتُ" ، وأيضاً قوله في (تكوين 7: 21-23) "فَمَاتَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ كَانَ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ وَالْوُحُوشِ، وَكُلُّ الزَّحَّافَاتِ الَّتِي كَانَتْ تَزْحَفُ عَلَى الأَرْضِ، وَجَمِيعُ النَّاسِ. كُلُّ مَا فِي أَنْفِهِ نَسَمَةُ رُوحِ حَيَاةٍ مِنْ كُلِّ مَا فِي الْيَابِسَةِ مَاتَ. فَمَحَا اللهُ كُلَّ قَائِمٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ: النَّاسَ، وَالْبَهَائِمَ، وَالدَّبَّابَاتِ، وَطُيُورَ السَّمَاءِ. فَانْمَحَتْ مِنَ الأَرْضِ. وَتَبَقَّى نُوحٌ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ فَقَطْ"

رابعاً: قول السيد المسيح في (متى 24 :39), "وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ،" وأيضاً في

(لوقا 17: 27) : " كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. وأيضاَ (1بطرس3: 20) "حِينَ كَانَتْ أَنَاةُ اللهِ تَنْتَظِرُ مَرَّةً فِي أَيَّامِ نُوحٍ، إِذْ كَانَ الْفُلْكُ يُبْنَى، الَّذِي فِيهِ خَلَصَ قَلِيلُونَ، أَيْ ثَمَانِي أَنْفُسٍ بِالْمَاءِ" وأيضاً (2بطرس2: 5), "وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى الْعَالَمِ الْقَدِيمِ، بَلْ إِنَّمَا حَفِظَ نُوحًا ثَامِنًا كَارِزًا لِلْبِرِّ، إِذْ جَلَبَ طُوفَانًا عَلَى عَالَمِ الْفُجَّارِ" وأيضاً (2بطرس 3 : 5-6), "لأَنَّ هذَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ بِإِرَادَتِهِمْ: أَنَّ السَّمَاوَاتِ كَانَتْ مُنْذُ الْقَدِيمِ، وَالأَرْضَ بِكَلِمَةِ اللهِ قَائِمَةً مِنَ الْمَاءِ وَبِالْمَاءِ، اللَّوَاتِي بِهِنَّ الْعَالَمُ الْكَائِنُ حِينَئِذٍ فَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَهَلَكَ"

خامساً: شهادة قوس قزح (تكوين 9) « أُقِيمُ مِيثَاقِي مَعَكُمْ فَلاَ يَنْقَرِضُ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَيْضًا بِمِيَاهِ الطُّوفَانِ. وَلاَ يَكُونُ أَيْضًا طُوفَانٌ لِيُخْرِبَ الأَرْضَ» وَقَالَ اللهُ: «هذِهِ عَلاَمَةُ الْمِيثَاقِ الَّذِي أَنَا وَاضِعُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ كُلِّ ذَوَاتِ الأَنْفُسِ الْحَيَّةِ الَّتِي مَعَكُمْ إِلَى أَجْيَالِ الدَّهْرِ: وَضَعْتُ قَوْسِي فِي السَّحَابِ فَتَكُونُ عَلاَمَةَ مِيثَاق بَيْنِي وَبَيْنَ الأَرْضِ».

بالإضافة الى وجود قصة الطوفان في قصص الشعوب, وأيضاً الشواهد العلميّة على حدوث الطوفان وشموليته، وفوق هذا وذاك لدينا الإثبات الأبقى الذي يعلو فوق كل صوت, وهو سجل حادثة الطوفان في الكتاب المقدس، كلمة الله الحيه الباقية الى الأبد.

الخلاصة: لقد تطهرت الأرض بدينونة الطوفان على جميع الأحياء في ذلك الوقت، وهذا ليكن لنا عبرة فلا نَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ علينا لغاية اليوم، لأنه إن لم نتب ونندم عن شرورنا ونؤمن بالرب يسوع المسيح الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة ليستوفي عدالة الله، فإن دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ قادمة لا محالة.. صَدّقنا أم لم نُصدّق.

ولإلهنا كل المجد آمين.

الأخت, فاديا يعقوب