دراسات و عقائد
تسجيل

الفصح, رموز وحقائق

يُعتبر الفصح أول ثلاثة أعياد سنويّة كبرى عند اليهود. وهو يعني (العبور أو النجاة), وذلك من قول الرب (ويكون لكم الدَّم علامة على البيوت الَّتي أنتم فيها. فأرى الدَّمَ وأعبرُ عنكم) خروج12: 13.

كان الغرض من عيد الفصح

·إحياء ذكرى نجاة اليهود من بيت العبوديّة في مصر(هي ليلة تُحفظ للرب لإخراجه إيَّاهم من أرض مصر...تُحفظ من جميع بني إسرائيل في أجيالهم) خروج12: 42.

·إحياء ذكرى نجاة أبكار اليهود أيضاً عندما ضرب الرب كل أبكار المصريين (...الَّذي عبر عن بيوت بني إسرائيل في مصر لمَّا ضرب المصريّين وخلصَّ بيوتنا ....فَحَدَث في نُصف الليل أنَّ الرب ضرب كُلَّ بكر في أرضِ مصر...) خروج12: 27, 29.

ومنذ تلك اللحظة التي احتفل فيها العبراني بتقديم خروف الفصح أدرك أن النجاة من الموت تعني أنّ حياة أخرى يجب أن تبذل بدلاً عنه لينجو. وأنّ هذه النجاة تعني أربعة أمور على الأقل:

.

1.النجاة ليست مسألة استحقاق: عندما أخذ العبراني من دم خروف الفصح وجعله على القائمتين والعتبة العليا في البيت أدرك أن نجاته من ضربة المهلك لم تكن بسبب مجد يمتلكه أكثر من المصريين, أو بسبب كونه أشرف وأنبل منهم, أو أن أخلاقه أكثر رفعة منهم. لقد فهم أن نجاته تقوم على استحقاق دم الخروف وليس على استحقاقه الشخصي.  

2.النجاة ليست مسألة أعمال: أي أن الله لم يقل للعبرانيين (أرى أعمالكم الحسنة ومشاريعكم الخيريّة وأعبر عنكم. أو أرى صدقاتكم وأعبر عنكم. أو أرى أصوامكم وصلواتكم وأعبر عنكم) هذا كله لا قيمة له عند الرب. أما كل القيمة فهي في الدم (أرى الدم وأعبر عنكم).

3.النجاة ليست مسألة فهم لما يحدث لكن إيمان بما يحدث: لذلك لم يعوّل الرب أبداً في نجاة العبرانيين على فهمهم لما يفعلون, وبالتالي على تقديرهم لقيمة الدم, لذلك لم يقل لهم (إذ تفهمون ما تعملون, وتقدرون قيمة الدم أعبر عنكم) لأنهم أصلاً لم يكن لديهم الوقت ليفهموا قيمة هذا العمل. لكنه قال لهم (أرى الدم وأعبر عنكم) وفي هذا القول دعوة للطاعة, دعوة لعمل إيمان, يتوقف عليه نجاتهم.

4.النجاة ليست جزئيّة بل كليّة: وهذا يعني أن كلّ العبرانيين الذين أطاعوا ما سمعوا أي وضعوا الدم على القائمتين والعتبة العليا في البيت, تمت نجاتهم بشكل كامل. لقد خرجوا من مصر سالمين هم وأبكارهم.

والآن ماذا بالنسبة لنا نحن المسيحيين أبناء النعمة, أبناء العهد الجديد. ماذا يعني لنا خروف الفصح؟

* إن خروف الفصح هو أحد الرموز الكثيرة في العهد القديم, والتي كانت تشير إلى شخص الرب يسوع المسيح كما هو مكتوب (لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا)1كورنثوس5: 7,ولأن فصحنا المسيح قد ذبح لأجلنا على عود الصليب, نحن ندرك ما أدركه العبراني, أن نجاتنا من الموت تعني أن حياة أخرى قد بُذلت عنا.

كان خروف الفصح في القديم يشير إلى نجاة من العبودية. بينما فصحنا المسيح الآن يشير إلى نجاة من عبودية أخرى, هي عبودية الخطية. وبينما كان الفصح في القديم يعني نجاة من الموت الجسدي يعني فصحنا المسيح الآن نجاة من الموت الأبدي.

لكن في كل الأحوال كما كانت النجاة بالنسبة للعبراني تعني أربعة أمور, فهي كذلك بالنسبة للمسيحي تعني الآن أربعة أمور:

أي أن نجاة المؤمن المسيحي لا تعتمد على استحقاقه الشخصي, بل تعتمد على استحقاق شخص المسيح الذي كان يرمز إليه خروف الفصح. (...ولكنَّهُ الآنَ (المسيح) قد أُظهرَ مَرَةً عند انقضاءِ الدُّهور ليُبْطلَ الخطيّةَ بذبيحةِ نَفْسِهِ وكما وضع للنَّاس أن يموتوا مرةً ثمَّ بعد ذلك الدَّينونةُ هكذا المسيحُ أيضاً بعدما قُدّم مرةً لكي يَحمل خطايا كثيرين سَيَظهرُ ثانيةً بلا خطيّةٍ للخلاصِ للّذينَ ينتظرونه) عبرانيين9: 26- 28.

أي أن نجاة المؤمن المسيحي لا تعتمد على أعماله الحسنة ولا على صدقاته وأصوامه. لكن تعتمد على عمل المسيح المصنوع فوق خشبة الصليب (لأَنَّكُم بالنِّعمة مُخلَّصون بالإيمانِ وذلك ليس منكم هو عطيَّةُ الله. ليس من أعمالٍ كيلا يفتخرَ أحدٌ) أفسس2: 8-9 .

كمسيحيين لا يمكن أن نفهم ما الذي حدث على الصليب, كيف حمل المسيح خطايانا, وكيف انسكبت عليه نار عدالة الله. كيف انتصر على قوات الشر الروحية, وكيف حقق لنا خلاصاً هذا مقداره, لذلك فإن مسألة نجاتنا لا ترتكز على فهمنا لما حدث, لكن على إيماننا بما حدث. ولهذا السبب فإن النجاة باب مفتوح لجميع الناس بمختلف مستوياتهم العقلية والفكرية. حقاً يا لعمق غنى الله ونعمته. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء!

كانت نجاة العبرانيين الذين رشّوا الدم على القائمتين والعتبة العليا في البيوت كاملة. وبتعبير أبسط , شعرة واحدة من رؤوسهم في تلك الليلة لم تسقط. وهكذا نحن فإن خلاصنا كامل, غير منقوص, إنه لا يحتاج لمن يكمّله أو يضيف عليه شيء ما. قال المسيح على خشبة الصليب (قد أكمل). وقيل عنه (مع كونه ابناً تعلّم الطَّاعة ممَّا تألَّم به وإذ كُمِّل صار لجميع الَّذين يطيعونه سبب (مصدر) خلاصٍ أبديٍّ) عبرانيين5: 8-9. وأيضاً (لأنَّهُ بِقُربانٍ واحدٍ قد أكملَ إلى الأبد المُقدَّسين) عبرانيين10: 14.

* خاتمة: والآن ماذا عنك أنت الذي تحتفل بعيد الفصح. هل أدركت الحقائق العظيمة التي يحملها خروف الفصح, ربنا يسوع المسيح. هل أدركت معنى قول الرب (أرى الدم وأعبر عنكم) وبالتالي سارعت لتحتمي بهذا الدم من الغضب الآتي.

إن كنت بعد هذه القراءة تجد نفسك محتاجاً لخلاص المسيح أقترح عليك أن تُصلي هذه الصلاة

(أيها الرب يسوع, أنا آتي إليك بكل خطاياي, طهرني بدمك واغسلني من كل آثامي, وامنحني الحياة الأبدية التي وهبتها لكل الذين آمنوا بك . آمين)

بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب