طفولة
تسجيل

الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الطفل

(هُوَذَا الْبَنُونَ مِيرَاثٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ ثَمَرَةُ الْبَطْنِ أُجْرَةٌ.) مزمور127: 3.

ما أن تعود الأم بطفلها إلى البيت حتى تبدأ بالتساؤل, (هل سيحصل ابني على تغذية جيدة), (كم مرة يجب اطعامه), (أين سينام), (ماذا لو لم يتوقف عن البكاء), (كيف سأغيّر حفاضه), (من سيساعدني عندما احمم الولد).

مع مرور الأيام ستأتي الاجابة تباعاً على هذه الأسئلة, وستجد الأم نفسها وقد تأقلمت مع ظروف الطفل, واكتسبت خبرة كافية تؤهلها لمساعدة غيرها. والأهم من ذلك ستكتشف إن كل الازعاجات ليست بذي قيمة امام ابتسامة طفلها, هذا المولود الذي عمّق شركتها مع زوجها وادخل البهجة لبيتها.

.

أولاً- تغذية الطفل.

يولد الأطفال عادة وهم يتمتعون بحركات لاإرادية للمص والبلع, وهذا يعطيهم الاستعداد للرضاعة بعد الولادة مباشرة. لذلك على الأم ان تدرك أنها وطفلها قادران على العمل معا لتلبية احتياجاته الغذائية.

بمرور الوقت ستعتاد الأم طفلها, وستتمكن الروابط العاطفية أكثر بينها وبينه, مما سيحوّل أوقات إطعامه إلى لحظات جميلة. وسيزداد فرح الأم اكثر كلما أدركت ان عملية اطعامه, عبارة عن وقت مخصص لإنهاء معاناته مع الجوع.

إن حليب الأم هو أفضل مصدر للتغذية بالنسبة للطفل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حياته. وفي هذه الفترة لا يحتاج الطفل مع حليب الأم لأي طعام آخر.

ولكن في حال كان هناك ما يمنع الرضاعة الطبيعية فعلى الأم أن لا تقلق, لأنه توجد مستحضرات غذائية كثيرة, مصنعة لسد احتياجات ابنها.

*ما هي مميزات الرضاعة الطبيعية:

1-إن حليب الأم يعتبر طعاما كاملاً ومتوازناً. وعادة ما تكون محتوياته من الدهون والكوليسترول مرتفعة في الأشهر الثلاثة الأولى.

2-يتم امتصاص حليب الأم من قبل الطفل بشكل ممتاز, باستثناء جزء صغير منه, هو عبارة عن مادة غير مهضومة تتحول إلى براز.

3-يحتوي حليب الأم على مستحضرات تقي الطفل من الالتهابات, حيث في الأشهر الثلاثة الأولى يكون جهاز المناعة لديه ضعيفاً.

4-حليب الأم مجاني ونظيف ولا يحتاج لتعقيم, او لتخزين.

5-إن امتصاص الطفل لحلمتي الأم يثيرهما, فينطلق في جسمها هرمون يدعى (oxytocin), يساعد رحمها على التقلص والعودة إلى حجمه الطبيعي كما كان قبل الحمل, ويساعدها أيضاً ليعود وزنها إلى ما كان عليه قبل الحمل بشكل اسرع. إضافة إلى كونه يؤجل بداية الاباضة والدورة الشهرية.

6-الرضاعة الطبيعية تعطي الأم شعورا عاطفياً وإلفه أكبر تجاه ابنها.

*كيفيّة الارضاع:

من المهم ان تختار الأم أثناء الارضاع وضعاً مريحا لها ولطفلها, بحيث يستطيع الطفل من خلال هذا الوضع ان يطبق فمه على ثديها بشكل صحيح. اي ان يغلق فمه على هالة الثدي بإحكام بواسطة لثته, ولسانه تحت الحلمة.

أما إذا اطبق الطفل فمه على الحلمة فقط, وليس على هالة الثدي, فإنه سوف يسبب لها ألماً كبيراً, وتشققاً في الحلمة خلال وقت قصير. بالإضافة إلى انه سيصاب بالإحباط, كونه لا يستطيع الحصول على طعامه بشكل كافٍ.

بعض الاطفال يبدؤون مباشرة الرضاعة, ويمتصون الحليب بحيوية. لكن في المقابل هناك أطفال يبدؤون ببطء, ويلعبون بالحلمة أولاً, ثم يتذوقون الحليب, وبعدها يبدؤون الرضاعة.

بعض الأطفال يرتاحون كل عدة دقائق, أو قد ينامون عدة مرات أثناء الرضاعة, فيتسببون بإزعاج كبير للأم بسبب اطالتهم لوقت الرضاعة. لذلك على الأم ان تعمل على ايقاظ طفلها بلطف, لتنهي الرضاعة بأقصر وقت ممكن.

ان الفترة المثالية بين الرضعات هي ساعتين, أو ثلاث ساعات. أي ما محصلته (8-12) رضعة في اليوم. وفترة الرضعة الواحدة من كل ثدي هي بين (10- 15) دقيقة.

بعد ان ينتهي الطفل من الرضاعة قومي بمساعدته لكي يتجشأ. وذلك إما برفعه ووضع راسه على كتفك, وإما بأن تجلسيه وتضعي يدك تحت فكه ثم تربتي على ظهره برفق. وعندما يتجشأ الطفل, قد يبدي اهتماما بالثدي الآخر, فلا تمنعيه.

ان عملية الرضاعة الطبيعية والجيدة تُكسب الطفل يومياً وزناً ما بين (20-30) غراماً.

نصائح عملية لتجنب التهاب الحلمة:

1-اغسلي ثديك بالماء اثناء الحمام العادي دون ان تضعي الصابون على حلمتيك.

2-جففي ثديك بعد الرضاعة بتهويته لبضع دقائق بعد الرضاعة. وتأكدي ان حمالة الصدر ليست رطبة.

3-في حالة اصابة الثدي بالتهاب راجعي الطبيب.

4-لا تحاولي ان تُقسّي الحلمتين, إمّا قبل الولادة أو بعدها, وذلك بفركهما, او شدهما, أو قرصهما.

القواعد الاساسية للرضاعة من الزجاجة:

1-اغسلي حلمة الزجاجة, والحلقة التي توضع فيها بعد كل استخدام. واستخدمي الفرشاة الخاصة بالزجاجة لتنظيف داخل الزجاجة, ثم اشطفيها جيدا بالماء.

2-قبل اعطاء الطفل الزجاجة هزيها جيداً حتى تسقط قطرة او قطرتان من الحليب على يدك. لتتأكدي ان الزجاجة دافئة وليست حارّة.

3-تأكدي ان معدل تدفق الحليب من الزجاجة هو قطرة كل ثانية تقريباً, عندما تكون وضعيّة الزجاجة رأساً على عقب. لأن التدفق السريع قد يؤدي الى اختناق الطفل, بينما التدفق البطيء يقوده لابتلاع الهواء, وهو يحاول امتصاص الحليب.

4-احملي طفلك في حضنك, وارفعي الجزء الاعلى من جسمه قليلاً مع دعم رأسه. ثم ضعي حلمة الزجاجة برفق على خده او شفته السفلى ليباشر الامتصاص, وتأكدي من ارتفاع الزجاجة بدرجة يغطي فيها الحليب داخل الحلمة, وإلا سيبدأ الطفل بامتصاص الهواء.

يستهلك الطفل المولود حديثاً ما بين, (50-90) ملم من الحليب كل ثلاث او اربع ساعات. ثم يزداد الامر الى (120 ملم) كل اربع ساعات في نهاية الشهر الأول.

ثانياً- قضايا صحيّة.

يُعطى الطفل لقاحه الأول – الجرعة الاولى- ضد مرض (التهاب الكبد ب), إمّا عند الولادة أو خلال أول شهرين. ثم يُعطى الجرعة الثانية بعد شهر من الجرعة الأولى. وبعد شهرين يحصل الطفل على لقاحات ضد (الخناق), و(الكزاز), و(السعال الديكي), و(شلل الطفال), و(المستديمة ب).

كيف تعرفين ان طفلك لديه مشكلة صحية:

1-ارتفاع الحرارة الشرجية أكثر من (38) درجة مئوية.

2-عدم اهتمام الطفل بالرضاعة, وعدم استيقاظه في الوقت المتوقع للرضاعة.

3-التقيؤ.

4-الخمول, أي ان تكون عيناه مفتوحتان لكنه لا يتحرك تلقائياً, ولا يبدي أي ردة فعل تجاه الاثارة.

5-صراخ دون انقطاع.

6-حركات غير معهودة, كاهتزاز اليدين, او الرجلين, أو الرأس, بشكل غير اعتيادي. امّا اذا استمر الاهتزاز بضع ثوان, فقد يكون هذا مؤشراً لحالة صرع, أو مشكلة في جهازه العصبي.

7-لون غير اعتيادي, الوجه شاحب, الشفاه تميل الى الزرقة.

ماهي المشكلات الصحية الشائعة:

اولاً-اليرقان, ومن علاماته, تحول لون الجلد إلى اللون البرتقالي الأصفر, وتحول المنطقة البيضاء في العينين إلى اللون الاصفر.

العلاج:

1-اعطي طفلك مزيداً من السوائل, وذلك بإرضاعه مرات أكثر.

2-عرّضي الطفل لأشعة الشمس بطريقه غير مباشرة, أي اكشفي عن جسده لغاية الحفاض, وضعيه في غرفة مشمسة لا تسقط فيها الشمس بشكل مباشر على جسده.

3-في مرات نادرة قد تُضطرين للتوقف عن الرضاعة الطبيعية بسبب انزيم موجود في حليبك, وتستخدمي المستحضرات الطبيعية لإطعام طفلك.

ثانياً-الرشح, عليك ألا تقلقي من الأصوات التي يُصدرها الطفل أحيانا من مجرى انفه الضيق مثل الشهيق والزفير. وكذلك العطاس من وقت لآخر. أمّا عندما تلاحظي سيلان الماء, او السوائل الكثيفة من فتحة انفه فعليك استشارة الطبيب.

في حال اصيب الطفل بالرشح يمكن للأم أن تسحب السوائل من أنفه برفق, وذلك بحقنة ذات رأس دائري مطاطي. واحذري ألا تعطي ابنك أية ادوية مضادة للاحتقان وما شابه إلا بوصفة طبية.

ثالثاً- التهاب الاذن الوسطى. إن اصابة الاذن في هذه المرحلة العمرية قد تكون خطيرة. لذلك إذا لاحظت ازدياد تهيج طفلك, أو ارتفعت حرارته, فينبغي استشارة الطبيب.

رابعاً-تضيق القناة الدمعية. في حال تضيّق القناة الدمعية التي تعمل على تصريف الدموع المنسابة لترطيب العين, فانك ستلاحظين أن الدمع ينساب بغزارة من احدى عيني طفلك.

ان استمرار سيلان الدمع بهذا الشكل قد يؤدي إلى احمرار في العين, والذي يُعرف بالتهاب الملتحمة.

عادة تنفتح القناة الدمعية المغلقة من نفسها, ولكن إذا استمر الأمر لستة اشهر متتالية عندها ينبغي استشارة الطبيب.

خامساً- التقيؤ. ان تقيؤ الطفل لحليب الأم, او للمستحضر الغذائي أثناء الأسابيع الأولى هو أمر طبيعي. بل ان بعض الاطفال يتقيؤون قليلاً مما تناولوه لعد أشهر.

أن التقيؤ العادي البسيط الذي يترافق مع وزن طبيعي للطفل لا ينبغي ان يُقلق الأم. ولكن إذا ابتدأ الطفل بالتقيؤ واخراج محتويات المعدة بقوة وشدة, عندها ينبغي عرضه على الطبيب.

أما إذا كان تقيؤ الطفل قذفي(يخرج محتويات المعدة إلى مسافة لافته للانتباه), فيجب عرضه على الطبيب لأنه قد يكون مصابا ب (ضيق البواب), الذي هو فم المعدة السفلي. وان تأكد الطبيب من وجود هذا التضيق فسيحتاج طفلك لعمل جراحي بسيط نسبياً, بأسرع وقت ممكن.  

سادساً- الطفح الجلدي. قبل ان ينجح طفلك في الذهاب إلى المرحاض بنفسه تذكري انك ستغيرين له نحو خمسة الاف حفاض. وبالتالي من الطبيعي ان يتعرض الطفل لمشاكل جلدية بسبب تبديل هذا الكم الهائل من الحفاضات.

ان الطفح الجلدي قد يكون سببه الحساسية الجلدية التي يملكها بعض الأطفال تجاه الروائح العطرية, أو تجاه الكحول الموجود في بعض محارم التنظيف.

او قد يكون بسبب الاصابة بالجراثيم أو بالفطريات, التي عادة ما تسبب للطفل تهيجا أقوى.

العلاج:

لئلا يصاب طفلك بالطفح الجلدي قومي بتغيير الحفاض كلما كان رطباً, أو يحتوي على براز. وتذكري ان البول الطبيعي وحده لا يسبب التهيج لجلد الطفل, ولكن البراز الذي يلامس جلده هو الذي يسبب التهيج بسبب الحموضة الموجودة فيه.

في حال اصيب طفلك بالطفح الجلدي حاولي ان تتجنبي المهيجات, واستعملي محارم خالية من الروائح أو الكحول. ودعي مؤخرة طفلك لمدة قصيرة, تجف في الهواء بعد تنظيفها. وفي حال كون الطفح الجلدي شديدا استشيري الطبيب.

ثالثاً- حمام الطفل.

لا يحتاج الطفل المولود حديثا إلى الاستحمام أكثر من ثلاث مرات اسبوعياً. وعندما تحممي طفلك لا تغطسيه بالماء قبل سقوط بقية الحبل السرّي. وإلى أن يحين ذلك الوقت امسحي جسمه بإسفنجة واستخدمي منشفه صغيرة, وحوض يحتوي على الماء الدافئ, وكمية قليلة من صابون الاطفال.

في الأيام الأولى ستلاحظين مادة لزجة عند المنطقة المحيطة بقاعدة السرّة, سببها ما تبقى من الحبل السري. لذلك عليك ان تجففي هذه المنطقة بقطعة قطنية مرطبة بالكحول حتى يتم سقوط الحبل السري. وعادة ما يسقط من تلقاء نفسه بعد اسبوعين او ثلاثة. وبعد سقوطه قد تلاحظين بقعاً صغيرة من الدم عند منطقة الحبل السري لبضعة ايام, فلا تقلقي.

اذا تولد القيح والاحمرار عند قاعدة السرة, او إذا استمر الانتفاخ والرطوبة لعدة ايام بعد سقوط قاعدة السرة, فاستشيري الطبيب.

إذا كان قد تم ختن طفلك, فإن الضمادة حول المنطقة المختونة سوف تسقط بعد يومين, ولا حاجة لوضع ضمادة اخرى مكانها.

قبل سقوط الحبل السري بإمكانك ان تنظفي جسم طفلك في الحمام باستخدام اسفنجة, وهو مستلق على أي سطح مبطّن. ولكي تمنعي فقدان الحرارة من جسمه غطيه بالمناشف, ما عدا المنطقة التي سوف تغسلينها.

ابدأي بالرأس, مستخدمة الماء دون الصابون, ثم اغمسي منشفة التنظيف الصغيرة بماء الصابون وامسحي جسمه نزولاً, على ان تتركي منطقة الحفاض إلى النهاية.

تأكدي انك قد نظفت الثنايا عند الرقبة, ووراء الاذنين, وتحت الذراعين, وعند نقطة التقاء الفخذ بالبطن, والصفن عند الذكور.

بعد ان تجف قاعدة الحبل السري بإمكانك ان تحممي طفلك في حوض الاستحمام المعد خصيصا لهذا الامر.

ليس من الحكمة ان يستغرق حمام الطفل وقتا طويلاً, لأن ملامسة الماء لبشرته لمدة طويلة قد يُحدث جفافا فيها, او يسبب طفحاً جلدياً.

ولأن جسم الطفل يفقد حراته بسرعة عندما يكون مبتلاً بالماء, كوني مستعدة للفه بمنشفة الحمام الكبيرة حالما تخرجينه من الماء. وانتبهي واحرصي لئلا ينزلق من بين يديك وهو مبتلاً.

رابعاً- المغص.

عادة ما يصاب الطفل بالمغص بعد الظهر أو مساءً, في الوقت نفسه من كل يوم. فيلوّح بيديه, أو يرفع ركبتيه إلى صدره, ويبكي دون توقف, رغم كل ما تفعله له الأم.  

يُفترض ان المغص سببه القناة المعوية للطفل وذلك بسبب عدم كمالها. أو سببه ردة فعل الطفل لشيء ما موجود في حليب الأم أو المستحضر الغذائي.

في حال استمر طفلك في البكاء وهو سليماً, وحفّاضه نظيفاً, وهو غير جائع. فعليك ان تتواجدي معه وتبذلي الجهد لتخففي عنه, وتذكري في وسط ضيقك ان هذه الحالة ستنتهي تلقائياً عندما يبلغ طفلك شهره الثالث أو الرابع.

ان الطفل المصاب بالمغص قد يرتاح وهو محمول على ذراعيك, أو عندما تدمدمين له بأصوات رقيقة. او عندما تضعيه على بطنه وتدلكي ظهره بلطف. أو ربما يحتاج لنزهة في عربته, أو محمولاً على كتفك.

عندما يصرخ طفلك بسبب المغص, حاذري ان تصرخي انت أيضاً في وجهه, أو ان تقومي بعمل تأديبي كضربه, أو هزه بعنف, لأن ذلك قد يلحق الأذى به.

عندما تشعرين بالضيق والارهاق بعد كل جهد تبذليه, انقلي طفلك إلى سريره الهزاز وابتعدي عنه لمدة (15 دقيقة), تلتقطي فيها أنفاسك, وترفعين فيها صلاة للرب لكي يساعدك فيما أنت فيه. ثم عودي اليه.

وبافتراض ان الطفل استمر بالبكاء اثناء ابتعادك عنه فلا تقلقي, هذا لن يؤثر عليه شيئاً. بل بالعكس, سيكون قد صرف جهدا كبيراً يحتاج بعده لفترة نوم.

بقلم نبيل سمعان يعقوب