فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي..
لا هي ليست قصة إبراهيم عندما دعاه الرب ليترك أرضه وعشيرته وبيت أبيه لما خَرَجَ مِنْ حَارَانَ،
ولا هي قصة موسى وشعب الرب بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ من أرض العبودية الى الأرض الموعودة،
بل هي قصة الذي مَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ. هذا الذي خرج من السماء مِنْ عِنْدِ الآبِ وذاك الخروج الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ.
وبين الخروج الأول والخروج الأخير كان لابد من دخول الى عالمنا الفاني، بل من نزول. لكن كيف وهو الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ؟ معضلة عسيرة!
نعم معضلة، لكن ليس عند الرب، هأَنَذَا الرَّبُّ إِلهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟
ففي الوقت المعين أعدَّ الله الاب الوسيلة بأن أرسل ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ بحيث أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.
وعند دخوله الى العالم، ها هو الابن يصرح عن الهدف الأسمى لمجيئه قائلا هنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ. ومشيئته هي أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.
ولكن لا خلاص بدون ذبيحة وسفك دم وهذا يعني أن هذا الدخول الى هذا العالم كان لا بد أن يتم بخروج مصحوب بموت. وهذا الطفل الجميل الوديع المقمط المضجع في مذود سينمو ليصبح َدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ.
هل علم ابن الاحضان الازلية الذي هو أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ ما هو مقبل عليه من آلام ،عندما اخذ تلك الصورة أنه سيأتي اليوم الذي سيكون فيه لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ؟
يقيناً علم. إذاً لماذا، برأيك أنت عزيزي القارئ، تابع الدرب؟ نعم من أجل هذا السبب: مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا.
كل عام ونحن ومحبته الأبدية لنا بألف خير،،،
فادي سمعان يعقوب