الاعاقة العقلية (متى25: 34-46).
1- تعريف الاعاقة العقلية
يُقصد بالإعاقة العقلية أو التخلف العقلي, إن الطفل أقل ذكاءاً عن متوسط ذكاء المجتمع بقدر جوهري، بالإضافة إلى وجود آفات في سلوكه التوافقي مع الاخرين.
2- اسباب الاعاقة العقلية
أ- التعوق الوراثي: وهو عبار عن مجموعة من العوامل الجينية التي تؤثر في الجنين لحظة الاخصاب، وتشمل على حصيلة التفاعل بين الخصائص الوراثية المقدمة من جانب الاب والام. ومن العوامل الوراثية غير المباشرة الاخرى والتي قد تؤدي الى الاعاقة العقلية هو عدم توافق العامل الرايزيسي (rh) في دم الزوجين.
.ب- التعوق قبل الولادة: وهي تلك العوامل التي يتعرض لها الجنين اثناء فترة الحمل, مثل تناول الادوية- التعرض للإشعاعات- التعرض للحوادث.
ج- التعوق بسبب الولادة: وتتضمن الصعوبات الولادية. مثلاً, حجم المولود كبيراً. أو ما ينتج عن إهمال الطبيب. أو إذا كانت الولادة قبل الأوان. أو نتيجة استعمال المخدرات لتخفيف آلام الأم. أونقص الاوكسجين كالتفاف الحبل السري حول الرقبة. أو تعرض الطفل الى جروح. أو عدم طهارة الاجهزة في المشفى. إضافة إلى أمر مهم جداً يرتبط بسن الانجاب عند الام,فقد لوحظ أن كبر سن الأم وإنجاب أطفال مصابين بمتلازمة داون (منغوليين) أمران مرتبطان، كذلك تبين أن احتمال إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون يزداد بازدياد سن الأم ابتداء من سن الثلاثين حتى يصل إلى ذروته فيما بين سن الخامسة والأربعين وسن التاسعة والأربعين. لذلك يجب على النساء أن يتقيدوا بإرشادات الطبيب, وأن يقوموا بمراجعته دوريا أثناء الحمل, وأن يمتنعوا عن الحمل بعد سن الخامسة والثلاثين ففي مثل هذه السن تكثر نسبة الإصابة بالإعاقة العقلية.
د- التعوق بعد الولادة: إما بسبب الحوادث، أو البيئة المنزلية غير الصالحة، أو سوء التغذية, أو الأمراض الشديدة مثل الحصبة الالمانية والتي تعتبر من الامراض الخطيرة على الجنين، خاصة اذا اصيبت بها الام الحامل خلال الاشهر الثلاثة الاولى من الحمل.
3- أعراض الإعاقة, أو خصائص المعاقين عقلياً:
1- الخصائص الجسمية: يميل معدل النمو الجسمي والحركي للمعوقين عقليا الى الانخفاض بشكل عام. وتزداد درجة الانخفاض بازدياد شدة الاعاقة. فالمعوقين عقليا اصغر في حجومهم واطوالهم من اقرانهم العاديين. وتصاحب درجات الاعاقة الشديدة في غالب الاحيان تشوهات جسمية, خاصة في الراس والوجه وفي احيان كثيرة في الاطراف العليا والسفلى. كما ان الحالة الصحية العامة للمعوقين عقليا تتسم بالضعف العام مما يجعلهم يشعرون بسرعة التعب والاجهاد. وحيث ان قدرتهم على الاعتناء بأنفسهم اقل وتعرضهم للمرض اكثر احتمالا من العاديين، فان متوسط اعمارهم ادنى.
وفيما يتعلق بالجوانب الحركية فهي الاخرى تعاني بطئا في النمو تبعا لدرجة الاعاقة. ونجد ان غالبية المعوقين عقليا يتأخرون في اتقان مهارة المشي ويواجهون صعوبة في الاتزان الحركي والتحكم في الجهاز العضلي خاصة فيما يتعلق بالمهارات التي تتطلب استخدام العضلات الصغيرة كعضلات اليد والاصابع والتي يشار اليها عادة بالمهارات الحركية الدقيقة.
2- الخصائص المعرفية:
الانتباه: يعاني المعاقين عقليا من ضعف القدرة على الانتباه، والقابلية العالية للتشتت.
التذكر: يترتب على ضعف الانتباه, ضعف في الذاكرة.
التمييز: ولما كانت عمليات الانتباه والتذكر لدى المعوقين عقليا تواجه قصورا, فان عملية التمييز بدورها ستكون دون المستوى مقارنة بالعاديين. فنجد ان المعوقين عقليا بدرجة شديدة يتعذر عليهم في معظم الاحيان التمييز بين الاشكال والالوان والاحجام والاوزان والروائح والمذاقات المختلفة.
التفكير: تعتبر عملية التفكير من ارقى العمليات العقلية واكثرها تعقيدا. فالتفكير يتطلب درجة عالية من القدرة على التخييل والتذكر وغير ذلك من العمليات العقلية. والمعوقين عقليا يتميزون بانخفاض واضح في القدرة على التفكير المجرد.
3- الخصائص اللغوية:
يعاني المعاقون عقليا من بطء في النمو اللغوي بشكل عام، ويمكن ملاحظة ذلك في مراحل الطفولة المبكرة. ومن الصعوبات الاكثر شيوعا التأتأة، والاخطاء في اللفظ وعدم ملائمة نغمة الصوت. ومن اهم المشكلات التي تواجه المعاقين عقليا ما يتعلق بفصاحة اللغة وجودة المفردات. ويلاحظ ان المفردات التي يستخدمونها مفردات بسيطة لا تتناسب مع العمر الزمني.
4- الوقاية من الاعاقة:
اولاً - تعريف الوقاية من الإعاقة:
هي مجموعة من الاجراءات والخدمات التي تهدف إلى الإقلال من حدوث الخلل أو القصور المؤدي إلى عجز في الوظائف الفسيولوجية أو السيكولوجية للمعاق.
ثانياً- مستويات الوقاية من الإعاقة العقلية:
تقسم مستويات الوقاية من الإعاقة الى ثلاث مستويات وهي:
الوقاية الأولية: وهي الاجراءات والتدابير التي تتخذ قبل حدوث المشكلة، وتعمل على منع حدوثها، وذلك بتوفير الخدمات والرعاية المتكاملة الصحية والاجتماعية والثقافية في البيئات والأسر ذات المستويات المتدنية اجتماعياً واقتصادياً، والتحصين ضد الأمراض المعدية، وتحسين مستوى رعاية الأم الحامل، وتوعيتها بأسباب الإعاقة.
الوقاية الثانوية: وهي الاجراءات والتدابير التي تكفل التقليل من الاستمرار أو تعمل على شفاء الفرد من بعض الإصابات التي يعاني منها، أي تحول دون تطور الإصابة من خلال الكشف المبكر.
الوقاية الثلاثية: وهي الاجراءات والتدابير الوقائية والأفعال التي تحد من المشكلات المترتبة على الإعاقة العقلية، وتعمل على تحسين مستوى الأداء الوظيفي للفرد، وتساعد على التخفيف من الآثار النفسية والاجتماعية عند حدوث الإعاقة.
ثالثاً- أهم مبادئ الوقاية من الإعاقة:
* التعرف على الأسباب ومنع حدوثها.
* رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسر.
* التوعية الأسرية من خلال الإرشاد الأسري، والإرشاد الجيني، والإرشاد الصحي.
* توعية المجتمع.
رابعاً- برامج الوقاية من الإعاقة العقلية:
أ- برنامج الارشاد الجيني: وهو برنامج يساعد الوالدين الذين يستعدون للزواج أو الأسر التي لديها طفل معوق، بإعطائهم المعلومات حول الصفات السائدة والمتنحية والعوامل الوراثية واختلاف العامل الرايزيسي بين الأم وابنها، وهو برنامج توعوي.
ب - برنامج العناية الطبية اثناء الحمل: وهو برنامج لتوعية الامهات الحوامل بالنسبة للتغذية المناسبة والامراض المعدية والعناية الطبية وتجنب الأدوية والأشعة والمخدرات والراحة النفسية.
ت - برنامج توعية الأمهات حول أهمية الولادة في المستشفى: من أسباب الإعاقة العقلية الولادة في المنزل بسبب قلة التجهيزات الطبية في المنزل وقلة النظافة وعدم القدرة على تفادي الاختناق وغيرها.
ث- برنامج توعية الوالدين حول أهمية التشخيص المبكر: يجب توعية الأمهات حول المظاهر غير المطمئنة لدى الطفل منذ ولادته، وان اكتشاف مثل هذه الإعاقات مبكراً يساعد في تقليليها أو انقاذها مثل (اضطرابات التمثيل الغذائي).
5- كيف تكتشف ان لديك طفلا معاقاً
تُعَد مهمة الاكتشاف المبكر للطفل المعوق عقلياً من المهام الصعبة التي تؤثر تأثيراً مباشراً في حجم وكيفية الخدمات التي تقدَّم لهذه الفئة من الأطفال. وهذه هي العلامات المميزة للطفل المعاق عقلياً
البكاء: الطفل الذي لا يبكي، ولا يميل على جانبه، والذي تعتقد أمه أنه طفل لا يثير المشاكل ولا يعطلها عن عملها، وأنه مثال للطفل الهادئ والمثالي الذي يقضي طوال النهار ساكنا, إنما هو طفل متخلف في حقيقة الأمر! ويتطلب الموقف سرعة عرضه على أخصائي يمكن أن يشير عليها بما يجب أن تفعله.
الكلام: ان التأخر في الكلام، أو عدم اللعب مع الأطفال الآخرين في نفس العمر، أو القيام بحركات غير مألوفة، أو عدم القدرة على التعبير العاطفي مع الأب والأم، أو الاهتمام بالأشياء دون الناس هو اشارة قوية لحدوث اعاقة.
المنغوليين: ويتسم هؤلاء الأطفال ببعض الخصائص البدنية الواضحة منذ ميلادهم، ومن هذه الخصائص الشعر الناعم غالباً، والعيون المسحوبة التي تشبه عيون الصينيين أو اليابانيين، والأيدي الصغيرة الممتلئة، والأصابع القصيرة، والتي يحدث أحياناً أن يكون خنصرها مكوناً من عقدتين لا ثلاثة كالطفل العادي، واللسان الكبير الذي غالباً ما يتدلى من الفم، ومثل هؤلاء الأطفال يكون الغالبية العظمى منهم متخلفين عقلياً.
6- كيف اتصرف مع طفلي المعوق؟!
* يجب عليك التغلب على مشاعر الخجل من طفلك لأنها ستنتقل إلى الآخرين، وسيشعرون هم أيضاً بالخجل من الطفل. تحدَّث عن إعاقته بصدق وأمانة للأقارب وأطفال العائلة، فإن ذلك سهوِّن من الأمر عليك كثيراً.
* اخرج بطفلك إلى الشارع فهو يحتاج إلى مثيرات لتنبيهه.
* كوِّن صداقات مع أسر لديها نفس المشكلة.
* تعلم كيف تلعب مع طفلك، وكيف تنمي قدراته، وكيف تكتشف أسلوبه الخاص في التعامل، واضعاً في اعتبارك أن اللعب هو أفضل الطرق للتعلم.
واللعبة بالنسبة للمعاق هي أي شيء يلفت انتباهه (مثل الفناجين والعلب الفارغة)، وهو يحب تمثيل أدوار صغيرة في الحياة اليومية (مثل شرب شاي أو قيادة سيارة) مما يفيده في تنمية قدراته، مع ملاحظة أهمية أن يقترن اللعب بالحديث.
* نظِّم حاجياته، وعوِّده على روتين معيَّن. هذا سيساعده على الحياة، مع تعويده بعد ذلك على المرونة في هذا النظام.
* قم أمامه بالسلوكيات التي يجب أن يتعلمها، مع ملاحظة أن يكون أداءك واضحاً وبطيئاً ومتكرراً. وراع أن تقسم التدريب إلى خطوات محددة، لا تنتقل إلى الخطوة التالية قبل أن يتقن سابقتها.
* انظر إليه بالاعتزاز والفخر عند قيامه بخطوة صحيحة في أدائه السلوكي. أما إذا كانت خاطئة فاجعل في نظرتك معنى التشجيع على تكرار المحاولة. وامتدح نجاحه في الأعمال التي يعملها بشكل صحيح حتى ولو كانت صغيرة. ان الثناء يشتمل على العاطفة الجسمانية كالتربيت على الكتف والحضن بالإضافة الى كلمات الثناء.
* أعطه فاصلاً من الحنان بعد تدريبه على نشاط معين. فالحب يكسبه الثقة بنفسه، على ألا يتحول إلى حماية مفرطة تعوق نموه. مع ملاحظة أن تكون مدة التعليم قصيرة وعلى فترات.
* دربة منذ الصغر على ما يفتقر إليه المعاقون عادة، وهو "المبادأة"، وذلك بأن تجعله يختار ما يريد من لعب، أو ما يقوم به من نشاط.
* استفد من طبعه الفضولي في تشجيعه على الاستكشاف، وذلك بكلمات ونظرات الرضا عليه، ووضع الثقة فيه، وعدم تخويفه بالعقاب. وأعط طفلك الملاطفة الجسمانية والدعم مثل التربيت على الكتف، لكونه لا يستوعب كلمات الثناء وحدها.
* لا تطلب منه نطق الألفاظ بطريقة صحيحة إذا أخطأ فيها، ولكن يكفي أن تعيد أمامه الكلمة بصورتها الصحيحة.
*عندما لا تنجح طريقة ما لمساعدة طفلك لكي يتعلم فحاول تجريب أساليب أخرى باستخدام أساليب التعزيز الإيجابي.
*عود طفلك على تحمل المسئولية في إمكاناته.
*أتح الفرصة لطفلك في اختيار احتياجاته الخاصة مما يعطيه الثقة في النفس واتخاذ القرار.
*شجع طفلك على اللعب وتكوين علاقات اجتماعية مع أقرانه في العائلة أو الحي أو المدرسة.
*لا تعاتب طفلك على إتلاف الألعاب التي تقوم بشرائها له ويمكنك توجيهه بالمحافظة عليها.
ومن المهم ان ندرك كآباء او كخدام بين المعوقين, أن هؤلاء غالباً لا ذنب لهم، حتى لو كانت الإعاقة نتيجة سوء تصرف منهم في طفولتهم. وبالتالي علينا ان نشفق عليهم ونعطيهم الحب والاهتمام. وأن نقبلهم كما هم، ونتذكر أنه ممكن لأي شخص منّا أن يكون هكذا في أي لحظة.
إن احتمال المريض والمعوق, وخدمته, بركة لنا. ويجب علينا أن نشكر الله، ليس من اجل المرض, ولكن لأن الله بعنايته قد رتب من يستطيع أن يخدم هؤلاء المعاقين.
وأخيراً، عليك أن تعرف أن ما سوف يكون عليه ابنك. هو انعكاس للجو الذي أحطته أنت به.
خاتمة:
كم هو امر مؤسف أن بعض العائلات تهمل أولادها المعاقين، وتحبسهم أو تمنعهم عن الناس أو من الخروج، فيسببون لهم متاعب نفسية كثيرة، قد تزيد وطأة المرض عليهم.
ينبغي أن نهتم بشغل وقتهم وان نعلمهم ما يستطيعون أن يتعلموه ليصيروا منتجين فعلاً مثل بقية الناس في المجتمع, وفي الكنيسة. ومن الممكن إشراكهم في النوادي والرحلات وحضور الاجتماعات. وكلنا رجاء في المسيح يسوع ان الله سيتعامل معهم ليتمجد من خلالهم. كما تمجد بمرض بولس وتُرُوفِيمُس وتيموثاوس وايوب وغيرهم.
وإن كان البعض يعتبر وجود الاعاقة في منزله تجربة فليدرك قول الكتاب (إن الله لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون) وانه (يعطي مع التجربة المنفَذ). وكل شيء مستطاع للمؤمن. ولكن بلا شك ليس صاحب الايمان المعوق.
ومن المهم جداً في حال وجود اخوة او اخوات اصحاء أن نُعرِّفهم كيف يتعاملون مع أخوتهم وأصدقائهم من المعاقين بكل الحب، ويخدمونهم بفرح، ولا يهملونهم أو يسخرون منهم. فالمعاق يحتاج بجانب فهم حالته الجسدية، فهم مشاعره وأحاسيسه، وبالتالي محبة أفراد العائلة له ومساعدتهم بكل صورة ممكنة.
فإذا لم نستطع أن نقبلهم هكذا، أو نتعامل معهم هكذا، فلنحكم على أنفسنا أننا نحن المعوقون أكثر منهم.