سؤال و جواب
تسجيل

سؤالٌ: إن ْكان آدمُ قدْ خُلِقَ كائناً خالداً، فمَا هي الفكرةُ مِنْ وجودِ شَجرةِ الحَياة في جنَّةِ عدنٍ؟؟ 

من خلالِ سَردِ القصَّةِ، يبدو أنَّ شجرةَ الحياةِ لم تُؤثِّر على آدمَ وحواءَ، أو لنقُلْ أنَّ تأثيرَها لم يكنْ ذا قيمةٍ لو أكلا منها قبل التَّناولِ من شجرةِ معرفةِ الخيرِ والشَّرِّ، لأنَّهما خُلِقَا كائنَين خَالِدين.

وللتَّأكيدِ على هذا الأمرِ: قادَ الشَّيطانُ آدمَ وحواء، ليأكُلا أوَّلاً من شجرةِ معرفةِ الخيرِ والشَّرِّ، فيخسرَا خلودَهما الأبدي مع الله، وبعدَ ذلكَ يأكُلان -ولو مُصَادفةً أو بإيحاءٍ منه- من شجرةِ الحياة، فيستعيدان خلودَهما، ولكن يعيشان إلى الأبد تحت سلطانه في حالةِ الخطيئة والمعاناة.

لذلكَ، تدخَّلَ اللهُ في الأمرِ، وطردَ آدمَ وحواء من الجنَّةِ خوفاً عليهما وحُبَّاً بهما (تكوين3: 22)، ووضع الكروبيمَ لمنعِ دخولِ غيرِ المرغوب فيهم. ويبقى السُّؤال: ما هي فائدةُ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ؟ أو ما هي دلالاتُها؟

على الأرجحِ هذه الشَّجرة، ترمزُ إلى الحياةِ الأبديّةِ التي يمنحُها الله! فوجودُها يُعتبَرُ تذكيرٌ دائمٌ لآدمَ ونسلِه أنَّ حياتَهم الأبدية تعتمدُ على علاقتِهم بالله! لذلكَ نراها تظهرُ مرَّةً أخرى في فردوسِ الله، حيث يقول الرَّب: "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ" (رؤيا2: 7). فهناك سيأكلُ المؤمنون من شجرةِ الحياةِ، لأنَّ المسيحَ قد محا خطاياهم بموته وقيامته، فيحيون إلى الأبد.

فشَجَرَةُ الْحَيَاةِ، التي فقدَ النَّسلُ البشري الحقَّ في الأكل منها، بسببِ معصيةِ الوالِدَين الأوَّلين آدم وحواء، حصَّلها ثانيةً الطائعون منهم بواسطةِ موتِ المسيح على الصَّليبِ. فتحقَّقَتْ رمزيةُ هذه الشَّجرة التي وُجدت في جنَّة عدن، عندما أدرك الناس أنَّ حياتَهم الأبديَّة تعتمدُ على علاقتهم بالله.

القس نبيل سمعان يعقوب (تفسير سفر التكوين)