ملكي صادق
"وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ. وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ. فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كلِّ شَيْءٍ" تكوين 14 : 18-20
ملكي صادق ملك شاليم، الْمُتَرْجَمَ أَوَّلاً «مَلِكَ الْبِرِّ» ثُمَّ أَيْضًا «مَلِكَ سَالِيمَ» أَيْ «مَلِكَ السَّلاَمِ» كان قد تقابل مع أبرام بعد هزيمته كَدَرْ لَعَوْمَرَ مَلِكِ عِيلاَمَ، مع حلفائه، ولم يعد يُذكر حتى نصل إلى (المزمور110: 4) عندما يشير بروح النبوة إلى ملكي صادق كرمز عن الرب يسوع المسيح: "أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ"
يتكلم الكتاب المقدس عن ملكي صادق فيقول: "بِلاَ أَبٍ، بِلاَ أُمٍّ، بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هذَا يَبْقَى كَاهِنًا إِلَى الأَبَدِ" (عب 7 : 3)
كان الكهنوت في العهد القديم قد أُعطي لهارون الذي من سبط لاوي "وَلاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ هذِهِ الْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ الْمَدْعُوُّ مِنَ اللهِ، كَمَا هَارُونُ أَيْضًا" (عب 5 : 4), سبط لاوي الذي منه جاءت العائلة الكهنوتيه, وكان محصوراً فقط بنسل هارون ويقوم على مبدأ الخلافة البشرية, "وَأُولئِكَ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً كَثِيرِينَ من أَجلِ مَنْعِهِمْ بِالْمَوْتِ عَنِ الْبَقَاءِ" (عب 7 : 23)، فإذن الكهنوت الهاروني هو وراثي بسبب الموت، ولكن لما ذكر الكتاب أنه أُعطي لملكي صادق قبل ذلك بقرون وذلك بأمر من الله، ملكي صادق الذي ليس له أي نسب ولا بداءة أيام له ولا نهاية حياة وبالتالي ليس حسب الخلافة البشرية، إذاً، فقد مثل كهنوتاً فريداً في نوعه، وذلك من حيث كونه مستمراً "فَلَوْ كَانَ بِالْكَهَنُوتِ الّلاَوِيِّ كَمَالٌ إِذِ الشَّعْبُ أَخَذَ النَّامُوسَ عَلَيْهِ مَاذَا كَانَتِ الْحَاجَةُ بَعْدُ إِلَى أَنْ يَقُومَ كَاهِنٌ آخَرُ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ؟ وَلاَ يُقَالُ عَلَى رُتْبَةِ هَارُونَ" (عب 7 : 11)، فإن هذا يعني ضمناً تنحية كاملة للعهد القديم حسب (عبرانيين 7 : 12) "أَنَّهُ إِنْ تَغَيَّرَ الْكَهَنُوتُ، فَبِالضَّرُورَةِ يَصِيرُ تَغَيُّرٌ لِلنَّامُوسِ أَيْضًا".
وهكذا فالرب يسوع المسيح ، تبارك اسمه، هو رئيس كهنتنا على رتبة ملكي صادق ( نفس المكانة ) هو بهذا المعنى كاهن واحد لا خليفة له لأن الرب يسوع عُين رئيس كهنة ليس بحسب قوانين تشريعية ناموسية بل " بَلْ بِحَسَبِ قُوَّةِ حَيَاةٍ لاَ تَزُولُ", والمسيح لم يجعل نفسه رئيس كهنة بل الله الآب من عيَنه كما يقول في (عب 5 : 5) "كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ الَّذِي قَالَ لَهُ:«أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ".
فهو، له المجد، لم يكن من سبط لاوي ( الذي منه فقط يأتي الكهنوت ) بل من سبط يهوذا ( الذي منه يأتي الملك ) وهكذا صار بالقسم الإلهي يسوع يقين عهدٍ أفضل وهو عهد النعمة الذي به ندنو من الله الآب .
إذن فقد كان ملكي صادق صورة ورمز عن الرب يسوع المسيح الذي يحيا للأبد وهو رئيس كهنتنا ذاك الكهنوت الذي لا يتبدل ولا يتغير لأنه يستمر إلى الدهور، فلا نهاية لخدمته، لأن حياته لا تنتهي "وَأَمَّا هذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ" (عب7 : 24).
الأخت فاديا يعقوب