سؤال: كيف نوفق بين قضاء الله وإرادة الإنسان في الاختيار؟
.
جواب:مع أنه توجد صعوبة كبيرة في التوفيق بين قضاء الله وإرادة الإنسان, لكن مع ذلك توجد بعض الثوابت التي تساعدنا على تفهم هذه المعضلة وليس حلها !
1- أعطى الله الحرية للإنسان في أمرين:
أ - القدرة على أن يخطئ.
ب - القدرة على أن لا يخطئ.
وفي سقوطه (تكوين3) فقد قدرته على عدم الخطأ وصار بالتالي حراً بأمر واحد, هو القدرة على فعل ما تمليه عليه طبيعته الساقطة. أي القدرة على الخطأ (تكوين6: 5 + رومية3: 10-18 + رومية8: 8) لكن إرادته (إن إرادة الإنسان هي شيء, وقدرته على تنفيذ ما يريد شيء آخر) لم تزل حرة في الاختيار! (رومية7: 18)
2- اختيار الإنسان ليس كامل, بل نسبي, أي محدود من بعض الوجوه. فهو مثلاً تحت سلطان قوانين طبيعية لا يمكن تجاوزها, وهو معرض بذات الوقت لظروف أخلاقية واقتصادية واجتماعية ونفسية قد تدفعه لاختيار ما لا يريد. وربما يكون الله وراء جزء منها.
3- لا يمكن أخلاقياً أن يُجبر الله الإنسان على عمل كل شيء خيراً كان أم شراً. لأنّه إن فعل ذلك, كيف سيحاسبه على أعمال أُجبر عليها, هي بالحقيقة ليست أعماله بل أعمال الله التي لا يقوى على رفضها. إذاً لا بد أن تترك دائرة من الحرية للإنسان, فيها يستطيع أن يمارس حريته بالاختيار. لِتُرفع من جهة مسؤولية الله عن شر الإنسان, وليحاسب من جهة أخرى على اختياره.
4- القضاء بالأمر هو غير إتمامه. لأنّ إتمام هذا القضاء قد يتم بفعل الله مباشرة(مثلاً قضاء الله بالخلق, وبتحديد مسارات الأجرام السّماوية وما شابه, كلها تمّت بفعله المباشر) أو يتم بفعل الإنسان الذي عنده مساحة من الاختيار. فأن يقضي الله بالأمر لا يعني أنّه يسلب الإنسان حريته, لكن يعني أن الله بسابق علمه قد عرف ما سيختاره الإنسان فاستخدمه لإتمام قضائه (مثلاً قضى الله بصلب المسيح. لكن تم تنفيذ هذا القضاء بواسطة الناس الأشرار.( وابنُ الإنسانِ ماضٍ كما هو محتومٌ. ولكنْ ويلٌ لذلك الإنسان الّذي يُسلِّمُهُ) لوقا22: 22 . قال يوسف لأخوته: (فقد أرسلني الله قُدَّامكُم ليجعلَ لكم بقيَّةً في الأرض وليستبقي لكم نجاةً عظيمةً. فالآن ليس أنتم أرسلتُموني إلى هنا بل الله..) تكوين45: 7-8 )
5 - غاية أحكام الله في النهاية ليست تجريد الإنسان من حريته لكن مجده في كل الخليقة.
بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب