مدينة افسس في الكتاب المقدس
تقع هذه المدينة على الساحل الغربي لأسيا الصغرى (تركيا حالياً), وقد اشتهرت بعظمتها من النواحي الدينية والسياسية والتجارية.
معظم سكان افسس من اصل يوناني ويوجد بينهم عدد لابأس به من اليهود المشتغلين بالتجارة أو غيرها (أع18: 19-24), (أع19: 1, 17, 34).
يوجد في المدينة معبد الآلهة ارطاميس اليونانية او ما يسمى عند الرومان ديانا. (أع19: 27) وكان واحدا من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم.
كانت افسس في ذلك الوقت اعظم مركز للعبادة الوثنية التي كثرت فيها اعمال السحر والشعوذة (أع19: 19).
كان في افسس مجمعا لليهود ولكن هذا المجمع بكل ممارساته الناموسية لم يستطع ان يبيد ظلمات العبادة الوثنية التي غرق فيها كل سكان افسس.
الكرازة بالإنجيل في أفسس
لسنا نعلم بالتحقيق كيف ومتى كرز بالإنجيل في أفسس.
زار الرسول بولس مدينة أفسس لأول مرة وهو في طريقه من كورنثوس إلى سوريا عند عودته من أوربا، من رحلته التبشيرية الثانية، ودخل المجمع وحاج اليهود ولكنه لم يمكث طويلا بل ترك أكيلا وبريسكلا هناك (أع 18 : 19، 21).
ثم اتى ابلوس الاسكندري إلى أفسس، وكان رجلا فصيحا ومقتدرا في الكتب وخبيرا في طريق الرب، وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب عارفا بمعمودية يوحنا فقط، ولكن إذ سمعه أكيلا وبريسكلا أخذاه وشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق (أع 18 : 24 – 26).
عاد الرسول بولس إلى أفسس مرة أخرى في رحلته التبشيرية الثالثة (أع 19 : 8-10 ، 20 : 31), وأمضى فيها ثلاث سنوات كارزا ومعلما " ليلا ونهارا " "جهرا وفي كل بيت" (أع20: 20, 31). وفي المجمع اليهودي كان يجاهر مدة ثلاثة شهور محاجا ومقنعا في ما يختص بملكوت الله " (أع 19 : 8, 10) ولكن لما كان قوم من اليهود يتقسون ولا يقنعون شاتمين الطريق أمام الجمهور اعتزل عنهم وأفرز التلاميذ محاجا كل يوم في مدرسة إنسان اسمه تيرانس (أع19: 9).
كانت الكنيسة في أفسس تجتمع في تلك المدرسة، ولمدة سنتين استمر بولس كارزا ومعلما في كل يوم "حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في آسيا من يهود ويونانيين" (أع 19: 9، 10).
والنتيجة, "كان اسم الرب يسوع يتعظم.. وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة " (أع 19 : 17-20).
ومع أنه من المحتمل أن بولس الرسول لم يكن أول من حمل الإنجيل إلى أفسس لأن كثيرين من اليهود عاشوا هناك زمنا طويلا من قبل (أع 2 : 9 ، 6 : 9)، لكن الرسول بولس كان أول من أحرز نجاحا ضد عبادة ديانا.
مقاومات الكرازة في أفسس
مع أن الله قد بارك كثيراً كرازة وخدمة الرسول بولس في أفسس وأيدها بالقوات "غير المعتادة" التي صنعها على يديه، إلا أنه لقي مقاومات عنيفة من الشيطان وأعوانه.
(1كو15 : 32 ) " كإنسان قد حاربت وحوشا في أفسس"
(1كو16 : 8، 9) "ولكنني أمكث في أفسس إلى يوم الخمسين لأنه قد انفتح لي باب عظيم فعال ويوجد معاندون كثيرون".
(2كو1 : 8) "فاننا لا نريد أن تجهلوا أيها الاخوة من جهة ضيقتنا التي أصابتنا في آسيا إننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى أيسنا من الحياة أيضاً "
ديمتريوس صائغ صانع هياكل فضة للألهة ارطاميس، جمع الصناع والفعلة وهيجهم على بولس قائلا "أنتم تعلمون أن سعتنا انما هي من هذه الصناعة. وانتم تنظرون وتسمعون انه ليس من أفسس فقط بل من جميع آسيا تقريبا استمال وأزاغ بولس هذا جمعا كثيراً قائلا أن التي تصنع بالأيادي ليست آلهة. فليس نصيبنا هذا وحده في خطر من أن يحصل في إهانة بل أيضاً هيكل ارطاميس الإلهة العظيمة أن يحسب لا شيء وأن سوف تهدم عظمتها هي التي يعبدها جميع آسيا والمسكونة" (أع 19 : 24- 27)
ثمار خدمة الرسول في أفسس
لقد تأسست كنائس ليس في أفسس فقط بل في جهات أخرى في آسيا. ولهذه الكنائس وجه الرب وهو في المجد خطاباته السبعة "إلى الكنائس السبــع التي في آسيا " (رؤ 1, 2).
ما وصلت إليه الحالة في أفسس
في رسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس يكتب هذا الخبر المحزن " أنت تعلم أن جميع الذين في آسيا (وأفسس ضمنا) ارتدوا عني (أي تركوا الرسول عند القبض عليه في المرة الأخيرة) " (2تي 1 : 15)
وأيضاً كثيرين تحولوا عن الحق الذي علمهم بولس إياه حتى الشيوخ (أع 20 : 29، 30)
وفي خطاب الرب لكنيسة افسس (رؤ 2) يتهمهم اتهاما خطيرا بأنهم تركوا محبتهم الأولى وينذرهم بأنه سيزحزح منارتهم من مكانها أن لم يتوبوا. وهذا ما صار فعلا. إذ أين هي كنيسة أفسس الآن؟
القس. نبيل سمعان يعقوب