يُعِد المنفذ قبل التجربة
«أنا يوسف أخوكم. أرسلني الله قدامكم... ليستبقي لكم نجاةعظيمة. فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا بل الله.» (تكوين45: 4-8)
عندما عرَّف يوسف إخوته بنفسه، كرر ثلاث مرات ليؤكد أن مجيئه إلى مصر ووصوله للعرشلم يكن سوى إرسالية، فيقول «أرسلني الله» (تكوين45: 5، 7، 8). ونلاحظ أنه يتحدث عن زمن الإرسالية فيقول: «أرسلني الله قدامكم» أيقبل مجيئكم إلى مصر! أي قبل أن تحل بهم تجربة الجوع! ثم يكشف عن غرض هذه الإرسالية،فيقول: «ليستبقي لكم نجاة عظيمة»، أي ليكون لهم منفذ للنجاة! فالمُرسِل هو الله, وزمن الإرسالية: قدامكم, وغرض الإرسالية,نجاة عظيمة. فالله إله النجاة، أرسل يوسف قبل وقت التجربة،ليكون المَنْفَذ عند حدوثها! ويقول كاتب المزمور «دعا بالجوععلى الأرض. كسر قوام الخبز كله. أرسل أمامهم رجلاً. بيع يوسف عبدًا» (مزمور105: 16-17). لاحظ الترتيب البديع: فهو دعا بالجوع، ولكن قبل أن يحل الجوعبحوالي عشرين سنة، كان قد سبق ودبَّر المَنْفَذ، إذ أرسل أمامهم رجلاً!!
وفي سفر أستير نجد أمرا مشابها, فالرب سمح بأن تصل أستير إلى الملك ثم استخدمها لإنقاذ الشعب, فنسمع كلمات مردخاي عندما قال لأستير: «ومَنْ يعلم إن كنتِ لوقت مثل هذا وصلتِ إلى المُلك؟» (استير4: 14).
لكن يبقى أن هناك فارقًا هامًا بين أستير ويوسف كمَنفَذين أعدهما الله لخلاص شعبه، فبينما صارت أستير مَنفَذًا من خلال إحسان كبير أحسن به الربإليها، صار يوسف مَنفَذًا من خلال ضيق مرير سمح به الرب له!! ومن هذا نتعلم أن الرب لا يستخدم فقط الإحسان، كمَنْفَذ قبل الأوان، بل يستخدم الضيق أيضًا الذينجتاز فيه اليوم بسماح منه، كمَنْفَذ عظيم يعدّه قبل الأوانلاستبقاء حياة ونجاة.
.