سؤال : لماذا الأناجيل أربعة ؟
.جواب: أعتقد لسببين على الأقل:
- قانوني (2كورنثوس13: 1): من المعترف به أنه في المحاكم ودور القضاء لا يحكم القاضي بأي أمر إلا بعد سماع الشهود، وكلما ازداد عدد الشهود كلما كان القاضي مطمئناً لسلامة الحكم. بتعبير أبسط, مصداقية الحدث تتزايد بتزايد الشهود والعكس صحيح.
وهكذا بالنسبة للأناجيل، فوجود أربعة منها يعني وجود أربعة شهود لذات الحدث, وقانونياً هذا يعني أن الحدث صادق ويستحق القبول.
- منطقي: عندما يروي عدد من الشهود ذات الحدث بنفس الكلمات والتعابير والأسلوب, نستنتج أنَّ هناك اتفاقاً مبطناً على رواية كاذبة. بينما عندما يروي عدد من الشهود ذات الحدث بكلمات وتعابير مختلفة, بانسجام دون تنافر, نستنتج أن هؤلاء الرواة صادقون, وبالتالي الحدث صادق. وهكذا بالنسبة للأناجيل الأربعة, إنهم أربعة شهود روى كل منهم الحدث بطريقته الخاصة، ومن زاويته الخاصة, فلم تتعارض الروايات ولم تتنافر, لكن انسجمت بشكل أعطى الكمال للحدث, فأكّد مصداقيته.
مثال للإيضاح:
لنفترض أن أربعة أشخاص شاهدوا حادثة سقوط طائرة, ثم قرروا جميعاً أن يكتبوا ما رأوه في ذلك اليوم المأساوي. فكتب الأول عن الأشخاص الذين قتلوا في الطائرة, بينما كتب الثاني عما أحدثه سقوط الطائرة من أضرار على الشركة الصانعة, بينما كتب الثالث عما أحدثه سقوط الطائرة من أضرار في الممتلكات العامة, بينما كتب الرابع عن العطل الميكانيكي الذي كان وراء سقوط الطائرة. إنهم لم يكتبوا جميعاً نفس الكلمات, لكنهم كتبوا بطريقة بدت فيها الرواية في قمّة الكمال. قد يتقاطع كلامهم في أمر ما, وقد لا يتقاطع. ولكن الحدث قائم والرواة صادقون. والقصة كاملة من زواياها الأربع.
هذا بالتحديد ما حصل في الأناجيل الأربعة, فكل واحد من الرواة تكلم عن جانب من جوانب حياة المسيح وتعاليمه وموته وقيامته.
فمتّى مثلاً يقتبس الكثير من نبوات العهد القديم، ليخبرنا أن المسيح قد أكمل كل هذه النبوات وأنه أتى ليس لينقض بل ليكمّل, وهو في شخصه ملك إسرائيل المنتظر.
بينما مرقس يخبرنا عن وظيفة المسيح الملك, فيرينا إياه قادراً. مستقلاً بذاته. سلطانه فائق. يعمل بنشاط وحماسة كأنه يسابق الوقت.
بينما لوقا يخبرنا عن المسيح الذي يعود في نسبه إلى آدم. أي يصف لنا المسيح كابن الإنسان, فنراه كحبيب وأخ لكل البشرية, يشعر معنا في متاعبنا وأحزاننا كواحد منا.
بينما يوحنا يخبرنا عن المسيح كابن الله الوحيد0 فيطيل الكلام عن مجده, وعن عظمته, وعن أسرار شخصيته الفريدة, وعن كونه نور وحياة العالم0 ثم يقول لنا أنه كتب ما كتب لنؤمن كقراء أن يسوع هو ابن الله ولتكون لنا إذا أمنا حياة باسمه.
إنهم لم يكتبوا جميعاً نفس الكلمات, لكنهم كتبوا بطريقة بدت فيها الرواية في قمة الكمال.
وهكذا قد تتقاطع الروايات في الأناجيل وقد لا تتقاطع, لكن القصد والغاية واحد.
( يسوع مخلص العالم )
بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب