خبز الحياة
تسجيل

"... بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ " ( أعمال 14: 22).

أجمل الساعات تعقب أشدّ الضيقات والعذاب.

القمح يطحن طحناً ويُسحق سحقاً قبل أن يعطي خبزاً وغذاءً.

البخور يُحرق بالنار ليفوح طيبه.

الأرض تُحرث بالآلات الحادّة قبل أن تعطي أثمارها. وكذلك القلب عليه أن ينسحق وينكسر قبل أن ينال رضى الله ويمتّع صاحبه بأعذب ساعات الحياة " القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره ".

كأنّه فُرِضَ على الطبيعة البشرية أن تتألّم وتذوب أمام الله قبل أن تكون النفس بركةً للعالم.

إن أردتَ أن تفرح مع الفرحين وتبكي مع الباكين.

إن أردتَ أن تعزّي المحزونين وتبهج البائسين.

إن أردتَ تُفرج المكروبين وتغني المنكوبين.

فاعبُر أولاً طريق الجلجثة متّبعاً خطوات سيّدك متقبلاً العذاب والآلام لتستطيع أن ترثي للآخرين.

.

" لِي أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ أُعْطِيَتْ هَذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى "(أفسس 3: 8).

مَن كان يظن أنّ فتاة صغيرة مسبية تكون الواسطة غير المباشرة لشفاء نعمان الأبرص ؟

أو إنّ تسبيحة تنطلق من فم أسيرين مسجونين مقيدين في سجن داخلي تزلزل أساسات السجن وتفتح أبوابه, وتفك قيود المسجونين, وتُذيب القساوة من قلب سجان فيلبي ؟( أعمال 16).

لكن هكذا كان الأمر. فالله يعمل بالأشياء الصغيرة وبالأشياء الكبيرة على السواء, ويعمل بالأصاغر والأعاظم بين الناس على السواء.

وأنّه مهما كان نوع الأداء, ومهما كانت الخدمة بسيطة في ذاتها, ومهما كان حجم الذي يُستخدم في تقديمها, فالخدمة الناجحة هي حصيلة شركة رائعة مع الله .

.

"لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ "( عبرانيين 10: 23 ).

وعود الله:

-       لمن عنده مشاكل: " لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ " (فيلبي 4: 6).

-       لمن هو مريض: " وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعاً لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ " (رومية 8: 28).

-       لمن يبحث عن طريقه بالصلاة: " أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ " (مزمور 32: 8).

-       لمن هو في مواجهة الموت: " قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا " (يوحنا 11: 25 ).

-       لمن يشعر بالخطر: " الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ " .(مزمور121: 8).

-       لمن يشعر بذنبه: " إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ " (1يوحنا 1: 9).

-       وللجميع يقول الرب يسوع: " تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ " (متى 11: 28).

.

" اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو " ( مزمور92 : 12).

كيف ينمو الأرز؟

عندما تتجوّل في الجبال اللبنانية تشاهد كيف أنّ نبتة الأرز تصير أولاً شُجيرة متكورة. وبعد سنوات تنطلق بسرعة إلى العلاء باستطالة. ثمّ تأتي العاصفة فتكسر رأسها. وبعد ذلك تبدأ فروعها بالامتداد عرضيا باتجاهات متشعبة. ثم إذ يأتي الثلج على الشجرة تتقوى فروعها التي تحملها وتصبح أكثر متانة. وإذا تعرضت الشجرة لأي صاعقة تقسمها, فإن الشجرة من جديد يخرج لها ساقا تنمو وكأنها لم تصب بأذى.
فالأرز لا ينهزم بالزوابع والأجواء المتنوعة والرعد والبرق, لأنّ جذوره تمتد في باطن الأرض من خلال شقوق الصخور وثغراتها, إلى ينابيع المياه الحية العميقة.

وهكذا المؤمن يشبه الأرز, ففي أول إيمانه لا يُعرف جوهره تماماً. لكن نوعية متانة إيمانه تكون كامنة فيه من البداية. وقد تراه نشيطاً فرحاً وأنّه بقوته سيخدم المسيح ويجلب إلى حظيرته الخراف ويرتفع للعلاء. ولكن لايطول الوقت حتى تكسره النعمة, ويدرك أنّه لا يقدر أن يرضي الله ولا أن يخدمه بقوته الخاصة.
وعندئذ يطأطئ رأسه, وينمو في أعماق الانجيل, ويمتد في سعة المحبة, ليغلب مستقبلاً الاعاصير والمخاوف والضيقات المتراكمة فوقه كالغيوم السوداء.

وإذ تتمكن الكلمة فيه, ويصبح خليقة قوية لله, عندئذ لا تقتلعه كل العواصف الهوجاء, ولا كل أعمال ابليس وتجاربه. فالآن النعمة تعمل فيه عوضا عن قوته الذاتية.

فالمؤمن الحق "كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو".

.

" فَجَعَلَ أَمَامَهُمْ فَأَكَلُوا، وَفَضَلَ عَنْهُمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبّ "(2ملوك 4 : 44 ).

في وقت الجوع, جاء رجل من -بعل شليشة- ومعه عشرون رغيفاً من شعير, وسويقاً –سنبلاً طرياً-في جرابه, باكورة لرجل الله أليشع.

وفي الحال قال أليشع " أعطِ الشعب ليأكلوا " نعم مجاناً أخذ ومجاناً أعطى, ولم يحتفظ به لنفسه, فأكل المائة الرجل الذين معه وفضل عنهم .

لم يقدر غلام رجل الله أن يفهم أنّ عشرين رغيفاً تكفي لحاجة مائة شخص, لكن أليشع كرر له القول: "أعطِ الشعب فيأكلوا " .

وكأنّه يقول له إذا أعطيت وفقاً لكلمة الرب, فإنّك سترى أنّ هذا المقدار يكفي ويزيد. فقط أعطِ أولاً.

إنّ الطبيعة العتيقة دائماً تسأل وتحتج وتريد أن تفهم أولاً, ولكن إذ يطيع المؤمن, يفهم كل شيء فهماً صحيحاً.

وهكذا عندما سأل خادم أليشع قائلاً: " ماذا ؟!" طلب منه أن ينفذ قول الرب أولاً وعندئذٍ يتسنى له أن يفهم بركة الرب, وقوته, ونعمته.

وهكذا أطاع الغلام "فَجَعَلَ أَمَامَهُمْ فَأَكَلُوا، وَفَضَلَ عَنْهُمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ " (2ملوك 4: 44).

.

استعد للقاء إلهك (عاموس 4: 12 ) .

تُحكى قصة عن واحد من النُبلاء مات فجأةً. وفي الحال هرع خادمه الخاص لِيُخبر الخدم في البيت بأن سيدهم قد مات. وسأل بحزن شديد: "أين ذهب ؟ قيل له: إنه ذهب الى السماء حتماً!"

إلا أنه رد عليهم قائلاً: "لا. أنا على يقين بأنه لم يذهب إلى السماء"

فسأله الآخرون والدهشة بادية على وجوههم: "وكيف عرفت أنه لم يذهب إلى السماء؟ فأجاب: "لأن السماء بعيدة جداً, وليس من عادة سيدي البتة أن يقوم بسفرة طويلة قبل ان يتحدث عنها سلفاً ويستعد لها استعداداً وافياً. وأنا ما سمعته قط يقول كلمة واحدة عن هذه السفرة, ولا رأيته أيضاً يستعد لها".

من المؤكد اننا نخلص بالنعمة عن طريق الإيمان بيسوع المسيح, لا بمقدار ما نتكلم عن الخلاص (اف2: 8), ولكنه أمر مستغرب ان يعتقد الناس أنهم ذاهبون إلى السماء وهم لا يتحدثون عنها البتة, ولا يقرأون كلمة الله ايضاً!!

لابد لك من أن تلاقي الله فهل أنت مستعد لذلك؟؟

.

" فإنّ الجبال تزول والآكام تتزعزع, أمّا إحساني فلا يزول عنك...قال راحمك الرب"(إشعياء54: 10).

للمؤمن سلام أبدي مؤسس على صدق مواعيد الله, وله حياة أبديّة نالها نتيجة إيمانه بموت المسيح. لذلك لن يهلك إلى الأبد.

قال أحد المؤمنين معلقاً: إنّه يلزم أن تتحقق خمسة أمور قبل أن يقنعني أحد بإمكانية هلاك المؤمن, وهي:

أولاً: يلزم أن نفترض إمكانية خطف المؤمن من يد الرب يسوع ومن يد أبيه نفسه" أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي"(يوحنا10: 29).

ثانياً: يلزم أن نفترض إمكانية فك ختم الملكية, أو تمزيق صَك الملكية الذي في يد الله بالفداء, الذي بموجبه قد اشترانا لنفسه" إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، الَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ"(افسس1: 13 ,14 ).

ثالثاً: يلزم أن نفترض إمكانية إنهاء سُكنى الروح القدس فينا" أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟"(1كورنثوس3: 16).

رابعاً: يلزم أن نفترض إمكانية فصلنا عن محبة المسيح" مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟"(رومية8: 35).

خامساً: يلزم أن نفترض إمكانية محو اسم المؤمن من سفر حياة الخروف" وَلَكِنْ لاَ تَفْرَحُوا بِهَذَا أَنَّ الأَرْوَاحَ تَخْضَعُ لَكُمْ بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ».(لوقا 10: 20).

ولأن هذا مستحيل, فالأبدية مع المسيح بانتظارنا.

.