خبز الحياة
تسجيل

أراد ابراهيم ان ينجب ابنا قبل الوقت, ولم ينتظر وقت الله, فأنجب ولداً وصنع مشكلة.

أراد موسى ان يخلص شعب الله قبل الوقت, ولم ينتظر وقت الرب, فقتل المصري ورفُض من الجميع, وظل هاربا 40 عاماً.

أراد يوسف ان يَخرج من السجن قبل الوقت, ولم ينتظر وقت الرب, فطلب من الساقي ان يذكره امام فرعون. ولو كان الساقي قد ذكره, لكان قد خرج من السجن عبداً, لا سيداً على كل مصر.

وقت, أو أجندة الله لا تخطئ, وإن ساعة الله لا تبطئ.

إنه واضع النجوم في افلاكها, وضابط الأرض في مدارها.

إنه الخبير بنفوسنا, والمحصي شعور رؤوسنا.

انه الوحيد المحب, القادر, وضابط الكل. لذلك اذكر قول الكتاب:

(جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ.) مراثي ارميا3: 26.

.

(لاَ تَتْعَبْ لِكَيْ تَصِيرَ غَنِيّاً. كُفَّ عَنْ فِطْنَتِكَ. هَلْ تُطَيِّرُ عَيْنَيْكَ نَحْوَهُ وَلَيْسَ هُوَ؟ لأَنَّهُ إِنَّمَا يَصْنَعُ لِنَفْسِهِ أَجْنِحَةً. كَالنَّسْرِ يَطِيرُ نَحْوَ السَّمَاءِ). امثال23: 4-5.

كان صبي صغير يلعب بإناء, يوجد بداخله قطعة صغيرة من النقود. فادخل يده في الاناء وامسكها, ولكنه لم يستطع ان يُخرج يده, فصرخ لأبيه, فاسرع اليه وقال له: افتح يدك وافرد اصابعك, وهكذا تستطيع ان تُخرج يدك! ففهم الصبي انه لا يمكنه الاحتفاظ بقطعة النقود وسحب يده.

هذه القصة الطريفة تذكرنا بالشاب الذي تقابل معه يسوع, والمذكور في (متى19: 16-26) الذي كان يريد ان يحصل على الحياة الأبدية ولكن عندما طلب منه الرب ان يترك امواله لم يقبل ذلك, ومضى حزيناً.

ليتنا لا نلقي رجاءنا على الغنى, بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع( 1تي6: 17)

.

ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنّه للفرح بل للحزن. وأمّا أخيراً فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام " (عبرانيين 12 : 11).

ما أسعد النهاية للمسيحيين المجربين. إذ لا هدوء أعمق من هذا الذي يأتي بعد العاصفة, ولا شيء أجمل من ضوء الشمس الذي يأتي بعد المطر. اذ بعد تسلق الهضبة الصعبة, نجلس للراحة.

إن أحزاننا تُشبه آثار مرور الباخرة على البحر. حيث تترك أخيراً خطاً فضيّاً من النور. فالمسيحي يقبل أردأ الظروف في هذا العالم لأنها تصبح له أشياء جيدة أخيراً. نعم الحرث مُتعب ولكن جني المحصول أمر مُفرح.

إن كانت أحزان المؤمن تُنتج له بعد ذلك ثمر بر للسلام, فماذا سيكون مقدار الامتلاء الكامل بالفرح في السماء أخيراً ؟.

إن كانت لياليه المظلمة مشرقةً, فماذا ستكون أيام نهاره؟.

إن كان يقدر أن يرنم في السجن, فكم سيكون ترنيمه جميلاً في السماء؟

إن كان يقدر أن يمجد الرب في النار, فكم سيعظمه أمام العرش الأبدي؟

إن كانت كل الأشياء تعمل معاً للخير له الآن, فماذا ستكون خيرات الله الفائضة له بعدئذ ؟

فلنذكر قول الكتاب ونعمل به: "وأمّا الصبر فليكن له عمل تام".

.

كان لامرأة ابنة مريضة بمرض خطير وذات مرة طلبت منها قليلاً من العنب, فتذكرّت الأم انها أثناء مرورها بحديقة الملك,قد لمحت عناقيد عنب رائعة. فذهبت لمقابلة البستاني وطلبت منه أن تشتري عنقوداً أو اثنين, فرفض بشدة وأجابها, أن الملك ليس تاجراً. وإذ بابن الملك يسمع الحديث. فاقترب منها وقال لها: إن البستاني على حق, فأبي ليس تاجراً يبيع العنب, إنه الملك. وإن طلبت منه, فسيعطيك ما تحتاجين إليه هبة مجانية. ثم اختار بعض العناقيد الجميلة ووضعها في سلتها.

وهكذا الله, إنّه الملك. الذي لا يشتري ويبيع, بل يهب من خيراته الجميع. فإن اردت ان تحصل على الحياة الأبدية لا يمكن ان تشتريها من الله, بل يمكن ان تطلبها منه, وهو سيعطيك إيّاها مجاناً.

(ثُمَّ قَالَ لِي: «قَدْ تَمَّ! أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ. أَنَا أُعْطِي الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّاناً) (رؤيا21: 6)

.

كلمات في الابن

(يوحنا1: 1-5)

في الحقب الغابرة, في الأزليّة خارج الزمن, وقبل أن يكون الكل. (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ).لم يكن فيه فانبثق, ولا منه قد ولد. دعاه الآب: (رَجُلِ رِفْقَتِي).

هو رجل مقاصد الله. (هُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ). هو (اللاَّبِسُ النُّورَ كَثَوْبٍ(, و (سَاكِناً فِي نُورٍ لاَيُدْنَى مِنْهُ), (وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ).

إذ قصد الله ان يخلق, اتمّ الابن المقاصد (فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَايُرَى وَمَالاَيُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً امْ سِيَادَاتٍ امْ رِيَاسَاتٍ امْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ(. (الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ).

إذ قصد الله ان يكلّم الخليقة, اتمّ الابن المقاصد, (اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ).

إذ قصد الله ان يفدي الخليقة مصالحاً, اتمّ الابن المقاصد, (عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ).

إذ قصد الله ان يبارك المؤمنين, (بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ).

إذ قصد الله ان يختار المؤمنين, (اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ).

(اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ), (كَلِمَةِ الْحَيَاة), بل (الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ). من جهة ذاته كان ومازال وسيبقى معادلاً لله, مساوياً له في الجوهر والمقام (لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ).

وإذ يساوي الآب في المقام, لا يَحسب مقامه مختلساً ينبغي الامساك به كما يُمسِك السارق بالغنيمة. لكن بغبطةٍ, اذ احتاج البشر الساقطين فداءً, (أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ(, متخلياً عن مساواته, قائلاً بسرور: (أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي). فصارت للابن صورتان. صورة الله, وصورة العبد.

صورة السيد في قصور العاج, وصورة العبد في عالم الأحزان.

صورة من هو خارج الزمن ويضحك على الآتي, وصورة من هو في حلقة الزمن يبكي من الآتي.

صورة (اَلْمُفَجِّرُ عُيُونًا فِي الأَوْدِيَةِ بَيْنَ الْجِبَالِ تَجْرِي). وصورة العطشان القائل: (أَعْطِينِي لأَشْرَبَ).

صورة من يفتح يده فيُشبع (كُلَّ حَيٍّ رِضًى, الْمُنْبِتُ عُشْبًا لِلْبَهَائِمِ، وَخُضْرَةً لِخِدْمَةِ الإِنْسَانِ). وصورة ذاك الذي (بَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَاعَ أَخِيراً).

صورة (الَّذِي بَنَى فِي السَّمَاءِ عَلاَلِيَهُ وَأَسَّسَ عَلَى الأَرْضِ قُبَّتَهُ). وصورة الذي لم يكن (لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ).

صورة (الْجَاعِلُ السَّحَابَ مَرْكَبَتَهُ، الْمَاشِي عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ). وصورة الذي تعب من السفر فجلس (عَلَى الْبِئْرِ).

صورة من (يَمُدُّ الشَّمَالَ عَلَى الْخَلاَءِ، وَيُعَلِّقُ الأَرْضَ عَلَى لاَشَيْء). وصورة من عُلّقَ مصلوباً بين الأرض والسماء.

إنّه النور الذي لا تغلبه ظلمة, والحكمة التي لا يدركها جهل, وفيه احتار الجميع. (مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا).

في تلك الأزلية السحيقة, في المشورة الأبدية, تقرر خلق السماوات والأرض وما فيها. وإذ عُرضت قصة سقوط الانسان, تبرع الابن فادياً, واقتسم الثالوث مشروع الخلاص. وقيل في الابن إذ يصير انساناً, ارادة الناسوت تخضع للاهوت حتى المعمودية قسراً, ومن المعمودية حتى الصلب حباً, وفي البستان قرار الكأس طوعاً. وإذ خُتمت المشورة, (فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالارْضَ).

بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب

.

"تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ." (متى11: 28)

الإنجيل هو الأخبار السارة الطيبة عن موت وقيامة الرب يسوع المسيح وأن "ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك" لوقا19: 10. وهو يوجّه دعوة إلهية مجانية غنية، دعوة للأبدية. دعوة مَنْ يقبلها يتمتع بالفداء ويعيش على الرجاء للحظة وصوله إلى السماء. وهذه الدعوة موجهة للجميع بدون استثناء "مَنْ يعطش فليأتِ، ومَنْ يُرِد فليأخذ ماء حياة مجاناً" رؤيا22: 17. نعم هي أخبار سارة ودعوة للجميع وذلك لأن:

  • الإنجيل يُكرز به للجميع: فبعد موت الرب يسوع المسيح وقيامته، أمرَ تلاميذه "وقال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" مرقس16: 15
  • محبة الله للجميع: "لأنه هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَنْ يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" يوحنا 3: 16وأيضاً "بهذا أُظهرت محبة الله فينا: أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به" 1يوحنا4: 9
  • بر الله مُقدَّم للجميع: "وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس مشهوداً له من الناموس والأنبياء. بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون. لأنه لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله "رومية3: 21-23
  • المُصالحة للجميع: "أي إن الله كان في المسيح مُصالحاً العالم لنفسه غير حاسبٍ لهم خطاياهم وواضعاً فينا كلمة المصالحة. إذاً نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله" 2كو5: 19, 20
  • الخلاص مُقدّم للجميع: "مخلصنا الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون. لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس: الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" 1تيموثاوس2: 3-5 ولكن هنا يُقدَّم السؤال: مَنْ هو الذي يستفيد من محبة الله وبر الله وعمل المصالحة والخلاص؟ الإجابة: إنه فقط كل مَنْ يؤمن، لأنه "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" عبرانيين11: 6. فالخلاص هو "بالنعمة بالإيمان"أفسس2: 8. فالروح القدس يشهد، والكلمة واضحة "آمن فقط"
.

  إِلاَّ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ يَكُونُ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِينَ اللهَ الَّذِينَ يَخَافُونَ قُدَّامَه (الجامعة 8 : 12)

تنظر حولك عزيزي القارئ و ترى الظلم يقع على كثيرين و قد تكون انت احدهم; ترى القلة و العوز يحيطان بالكثيرين و قد تكون انت احدهم ;  ترفع عينيك الى السماء  لتصلي فتسمع اصوات الكثيرين حواليك قائلين :"مَنْ يُرِينَا خَيْراً"؟ وقد تكون انت احدهم!

 قد تتضايق حتى من نفسك و تصرخ فيها قائلا من شدة كربك :" لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَانَفْسِي؟ وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ", بل لا ادري حتى ان كنت قد قلت في سرك ايضا :" اِفْتَكَرْتُ فِي قَلْبِي أَنْ أُعَلِّلَ جَسَدِي بِالْخَمْرِ"" حتى تنسى متاعبك!

ربما تكون فقدت عزيزا و همومك تحيط بك و تكاد تخنقك , دموعك تنسكب على خديك و لسان حالك يصرخ على الله قائلا "إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ؟

و لكن مهلا عزيزي القارئ, " هَلْ نَسِيَ اللهُ رَأْفَةً أَوْ قَفَصَ بِرِجْزِهِ مَرَاحِمَهُ "؟ فاعلم اذاً أنك لست وحدك لتحارب همومك, فهو قادر ان يعزيك لانه "أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ.

أرفع عينيك قارئي الحبيب مرة اخرى الى فوق, ولكن هذه المرة بابتهاج و ردد بفرح مع الشكر قائلا: "عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي, تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي".

و اليوم هناك رسالة خاصة و قصيرة منه  اليك و ها أنا أقراها لك : "قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ"! ان قبلتها فأنا أثق انه سيكون "كَنَهْرٍ سَلاَمُكَ".

بقلم فادي يعقوب

.