خبز الحياة
تسجيل

السماء

اعلن احد رعاة الكنائس ان موضوع عظة الاحد المقبل سيكون عن السماء, وإذ وصل الخبر الى احد أعضاء الكنيسة المسنين, الذي كان مستلقيا على فراش الموت ارسل له هذا الخطاب:

الاحد المقبل سوف تعظ عن السماء, انا مهتم جدا بتلك البلاد لأن اسمي يرتفع فوق قطعة من الأرض هناك منذ خمس وخمسين سنة. لم اشترها بل وهبت لي بلا فضة وبلا ثمن, ولكن الذي اعطاني إياها قد اشتراها لي بثمن باهظ جداً.

لا احتفظ بها لأجل المتاجرة والربح اذ انها من الممتلكات غير المنقولة, كما لا املك حق بيعها.

منذ نصف قرن والى الان وانا ارسل موادا يبني منها المهندس العظيم, بنّاء الكون, بيتا لي لا يحتاج طرازه لتغيير, ولا يستلزم أي تصليح, اذ انه سيوافقني تمام الموافقة, وسيبقى محتفظا بجدته طوال الأبدية.

النمل الأبيض يعجز عن سبر غور اساساته, لأنه مؤسس على صخر الدهور. النار لا تقوى على هدمه, الأعاصير لا تقدر ان تزيله, كما انه لن يزود بمفاتيح ومغاليق, اذان المفسدين لا يدخلون تلك الأرض حيث يقوم بنائي هذا.

قد اصبح الان جاهزا ومكحلا ينتظر قدومي اليه, وسكني فيه بسلام الى الابد دون خوف من الطرد والاحتلال.

هنالك وادي الظلال السحيق الذي يقع بيني وبين ذلك البيت الذي سوف اقصده في القريب العاجل. يستحيل علي ان اصل الى بيتي في مدينة الذهب دون ان اعبر هذا الوادي المظلم, لكني لست بخائف ابدا لأن صديقا حميما لي قد اجتاز هذا الوادي قبلي بمئات السنين, وطرد منه كل المخاوف الموحشة, والظلمات القاتمة.

هذا الصديق العزيز قد رافقني في سراء هذه الحياة وضرائها لم يفارقني بقوته وحنانه وتعزيته, منذ يوم تعرفت عليه قبل خمس وخمسين سنة ولا أزال احتفظ بوعوده المجيدة مدونة على أوراق مطبوعة يقول فيها (لا اهملك لا اتركك) فهو سيكون معي بينما اجتاز وادي الظلال السحيق, وبكل تأكيد سوف لا اضل الطريق ما دام هو رفيقي.

ارجو ان اسمع عظتك الاحد المقبل عن السماء, لكني لا اقدر ان أؤكد ذلك اذ ان تذكرة سفري للسماء هي بدون تاريخ, كما انها تذكرة ذهاب دون إياب, ولا يسمح بحمل اية حقيبة.

انا مستعد للسفر, قد لا استطيع ان اسمعك الاحد المقبل تعظ عن السماء, لكني سأراك في السماء, فإلى اللقاء.

.