تسجيل

يو21: 1-14

يسوع يظهر نفسه

مقدمة: ان مغزى بقاء الرب اربعين يوماً مظهراً نفسه للتلاميذ, يوضحه لنا لوقا البشير بقوله, (اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ.) وهذا يعني:

  • قدم لهم البراهين على انه قد قام, لأن الأمر كان صعبا جدا على التلاميذ.
  • كلمهم عن الامور المختصة بملكوت الله, لأن هناك معتقدات ينبغي ان يغيروها من جهة الملكوت, وهناك اشياء ينبغي ان يتعلموها.

*هذا الظهور هو الظهور الثالث, أما الأول فقد ظهر للتلاميذ العشرة في العلية بدون توما, والثاني ظهر للتلاميذ مع توما.

.

 جملة انتقالية:

في هذا النص نجد التلاميذ حيارى بعد الصلب وفي حالة من الغموض, ومع ان ظهورات الرب فتحت لهم ابواب الرجاء ونزعت عنهم الخوف الذي عاشوه وقت الصلب لكن المستقبل لم يكن واضحا بالنسبة لهم. هل يعودون إلى عملهم, هل يجتمعون في العلية, هل يبشرون الآخرين, ماذا عليهم ان يفعلوا. انهم في حالة نفسية صعبة ولديهم عشرات الأسئلة التي تحتاج لمن يجيب عنها.

عاشوا مع المسيح سنوات وهم في حالة اتكال كامل عليه. هو يجيب الآخرين, هو يرشدهم ويكلمهم, يسدد احتياجاتهم ويشفي مرضاهم, يصنع المعجزات من خلالهم ولهم, والآن كل شيء انتهى. لم يعد معهم بالجسد فكيف سيتصرفون, وماهي خطة الله لحياتهم. وعلى ما يبدوا ملّ التلاميذ حياة الانتظار فدعاهم بطرس للصيد, أي للعودة إلى عملهم القديم. (شرح المقطع).

في هذا النص نجد الرب يسوع يفعل ثلاثة أمور:  

1-أظهر نفسه لتلاميذه.

خلال فترة اربعين يوما بعد القيامة لم يُظهر نفسه إلا لتلاميذه فقط. لم يَظهر مثلاً ل (بيلاطس, هيرودس الثعلب, قيافا رئيس الكهنة وحنان, الجنود الرومان, عامة الشعب).

-علّقْ على الجميع, مؤكداً انهم أخذوا فرصتهم ولا فائدة من الظهور ثانية لهم.

قال الرب لتداوس الذي سأله(: ..«يَا سَيِّدُ مَاذَا حَدَثَ حَتَّى إِنَّكَ مُزْمِعٌ أَنْ تُظْهِرَ ذَاتَكَ لَنَا وَلَيْسَ لِلْعَالَمِ؟» 23 أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي وَيُحِبُّهُ أَبِي وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. 24 اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا14: 22- 23.

(القداسة التي بدونها لن يرى احد الرب) عب12: 14.

لا تستغربوا ان قال الناس لماذا لا يظهر لنا الرب, لماذا لا يكلمنا.

الرب لا يحب الاستعراض ومجد الناس لا يقبله فإن كان سيُظهر نفسه للناس والناس سترفضه ما فائدة مثل هذا الظهور (كم معجزة صنع ورُفض)

في يوم سيُظهر نفسه للجميع, ولكن باعتباره الديان, ليسمعوا صوته يقول: (خذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان)

2-أظهر نفسه بهيئة أخرى:

من الغريب ان سبعة من تلاميذه, من مسافة 200 ذراع (نحو140 متر), لم يتعرفوا عليه, لا من هيئته ولا من كلامه.

بقوا مع يسوع سنوات, في رفقة حميمة ولم يعرفوه!    

في مرقس 16 نقرأ عن تلميذي عمواس, (12 وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاِثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.)

*بعد القيامة اختلف الوضع, لم تعد قوانين الارض تحكم جسد المسيح الممجد. فهو يظهر اينما يريد ويختفي متى يشاء ويظهر بهيئة مختلفة ان اراد.

*في هذا النص كبداية لم يعرفه التلاميذ وفي النهاية (لم يجسر أحد من التلاميذ ان يسأله من أنت إذ كانوا يعلمون أنه الرب). فيبدوا ان المسيح لم يعد يتمسك بهيئة معينة لأنه لا يريد أن يُعرف بالبصر لكن بالبصيرة. فها هم التلاميذ يعرفوه ليس لأنهم رأوه ولكن لما فعله معهم, أي ادركوا ببصيرتهم, وليس ببصرهم أنه الرب.

3-أظهر نفسه كراع لهم:

عندما كان معهم بالجسد سدد احتياجاتهم والآن غاب عنهم بالجسد فهل انقطعت العلاقة. ابدا لقد وعد ان يرعاهم وهذه الرعاية ليس لها حدود, انه معهم الى انقضاء الدهر.

قبل ان يصلب بقليل قال لهم: (حين ارسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء فقالوا لا) لو22: 35.

لقد ذكرهم بعنايته لهم. وها هو بعد الصلب يظهر لهم في وقت ضيق, وقت حاجة, وقت فشل وجوع ليسدد احتياجهم, وليذكرهم انه سيبقى لهم راع.

(الرب راعي فلا يعوزني شيء) (مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئاً فِي الأَرْضِ).

قال الرسول بولس (لا أحد يتجند بنفقته قط). الجنود في كل الجيوش لا يهتمون بموضوع الطعام والشراب واينما ذهبوا لديهم القناعة ان هناك من يرتب لهم الأمر. فكم بالحري نحن جنود الرب ان لانقلق, وان ندرك في اعماقنا ان الرب يسدد كل احتياجاتنا انه مسؤول عن كل نفقتنا له المجد.

(الأشبال احتاجت وجاعت أمّا طالبوا الرب فلا يعوزهم شيء من الخير)

خاتمة: لقد فعل الرب ثلاثة اشياء

  1. أظهر نفسه لتلاميذه
  2. أظهر نفسه بهيئة أخرى
  3. أظهر نفسه كراع لهم

إن الرب هو الذي يريد أن يظهر نفسه لك كما أظهر نفسه للتلاميذ ولكن هذا يتوقف على ايمانك به.

بدون قداسة لن ترى الرب. وبدون ايمان لا يمكن ارضاءه. فان كنت تشعر بالحاجة اليه, اعلن محبتك, وايمانك له وبه.

ولإلهنا كل المجد إلى الأبد آمين.