نبذ روحية
تسجيل

القيامة ضرورة إيمانية, وضرورة منطقية.

"أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا" (يوحنا11: 25)

يحتفل المسيحيون في هذه الأيام بعيد القيامة, ولعل أكثرهم لا يدرك معنى هذا العيد. ولهؤلاء أقول: إن القيامة هي الحدث الذي يؤكد أن كل ما فعله يسوع وعلَّمه كان حقاً. فهي ضرورة إيمانية.

فلو لم يكن المسيح قد قام من بين الأموات, لكان إيماننا باطلاً, ونحن مازلنا في خطايانا.

ولكانت كرازتنا باطلة, ونحن نوجد شهودَ زورٍ لأننا شَهِدنا أنّ المسيح قد قام من بين الأموات.

ولكان الذين ماتوا في المسيح قد هلكوا, إذ لا رجاء لهم.

ولكُنَّا أشقى جميع الناس, لأنَّ رجاؤنا في المسيح لا يتعدى هذه الحياة.

لكنَّ المسيح قد قام من بين الأموات, وصار بقيامته باكورة الراقدين, وهذا يعني أنه كما قام من بين الأموات سيقوم كل الذين آمنوا به, لأنَّه القيامة والحياة, ومن أمن به ولو مات فسيحيا.

وكما أن القيامة ضرورة إيمانية فهي كذلك ضرورة منطقية للأسباب التالية:

أولاً- من أجل تحقيق العدالة: أي من أجل محاسبة كل إنسان على أفعاله التي عملها خلال حياته على الأرض، خيراً كانت أم شراً. فالأرض قد امتلأت ظلماً, وبدت العدالة الإلهية كأنها ناقصة, لأن أشرار هذا العالم هم أسياده, فلا قانون يردعهم, ولا ضمير يؤنبهم. ولكي تأخذ عدالة الله حقها وتطال الجميع كانت القيامة ضرورية.

ثانياً- من أجل كرامة الإنسان: فالإنسان مخلوق على صورة الله, وهو ليس مُعدّاً للفناء بل للخلود. إنه مميز عن باقي الخليقة التي هي أدنى منه كالحيوانات والنباتات, ولا يمكن أن يساويه الموت بها, ومن غير المنطقي أن يكون مصيره كمصيرِ بهيمةٍ أو نباتٍ أو حشرةٍ صغيرةٍ تحيا في الهواء. لذلك كانت القيامة ضرورة لتؤكد تميّز الإنسان وسموّه عن باقي الخليقة.

ثالثاً- من أجل الرجاء: فنحن جميعاً نعيش في عالمٍ فاسدٍ مملوء بالحزن, والعويل, والظلم, وكلّ ما فيه يعاني من النقص. وقد فتَّش الإنسان عن المدينة الفاضلة وحاول أن يوجدها في هذا العالم لكنّه فشل, لذلك كانت القيامة ضرورية لتُقدم لنا الحياة المثاليّة التي فقدناها هنا, حيث تعطي الرجاء للإنسان بحياة فاضله وكاملة, لا حزن فيها ولا وجع ولا موت.

قال جورج برنارد شو: (إن احصائيات الموت مثيرة للغاية, فمن كل مائة شخص يُحصون هناك مائة شخص يموتون). اسمح لي ان اسألك وانت تقرأ هذه النبذة: عندما تُحصى مع المعدودين, أين ستقضي أبديتك! تعالَ إلى المسيح وضع رجاءك فيه, وردد في قلبك هذه العبارة: (ارحمني يا رب وسامحني عن خطاياي من أجل المسيح المقام), وثق أنّ "اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ».(يوحنا3: 36).