دراسات عامة
تسجيل

 الانفصال عن العالم

باعتباره الأشياء التي تخص الأرض, وباعتباره النظام العالمي الذي ابتكره الإنسان لكي يسعد به نفسه بعيداً عن المسيح.

(كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ لاَ تُخَالِطُوا الزُّنَاةَ. وَلَيْسَ مُطْلَقاً زُنَاةَ هَذَا الْعَالَمِ أَوِ الطَّمَّاعِينَ أَوِ الْخَاطِفِينَ أَوْ عَبَدَةَ الأَوْثَانِ وَإِلاَّ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الْعَالَمِ) 1كورنثوس5: 9-10.

(وَقَالَ لَهُمُ اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا) مرقس16: 15.

إن الخروج من العالم أمرٌ مستحيلٌ, إضافة لكونه عكس رسالة المسيح التي تدعونا لاقتحام العالم واختطاف الهالكين منه لملكوت الله. أمّا الانفصال عنه فهو أمر طبيعيّ ومطلوبٌ (نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ)1بطرس1: 15.

إن القداسة تعني أمرين, الأول الانفصال عن العالم, الثاني التخصيص أو الفرز لله. فإن كان الخروج بمعناه الجغرافي مرفوضاً للأسباب التالية:

.

 

1-لأن الخروج من العالم لا يتم إلا بالموت الجسدي.

2-لأن العالم يحتاج لفرصة الخلاص أي لاحتكاك الكنيسة بهم.

3-لأن العالم يحتاج لخدمات الكنيسة.

يبقى الانفصال بمعناه الأدبي مطلوباً, أي عدم مشاكلة الأشرار بخطاياهم.

دعونا نتذكر أن الكنيسة هي جسد المسيح, بناء الله الذي ينمو, البناء الذي أقيم في هذا العالم الفاسد ليتوسع بكل طاقته كمستعمرة سماوية على الأرض (أَوْلاَداً للهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيلٍ مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ) فيلبي2: 15, وأن هذه المستعمرة لا يحبها العالم, بل يرفضها ويحاربها بكل قوته, لأنها جسم غريب فيه, يعمل على موته.

وما يميز هذه المستعمرة أنها نور مثل الرب الذي قيل عنه (النُّورُ يُضِيءُ فِي الظُّلْمَةِ وَالظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ) أي أن الكنيسة كما الرب, ظلمةُ هذا العالم لا تدركها.

نعم تعيش الكنيسة في دائرة العالم, لكن سلوكياتها مختلفة عن كل سلوكيات العالم, وأفكارها وأمالها وتطلعاتها خارج هذه الدائرة, وبالمقابل فإن نمط عبادتها يختلف أيضاً عن نمط عبادة العالم.

دعونا نتذكر أن الانفصال المادي لا يحقق انفصالا روحيا, والعكس أيضا صحيح, فقد تهرب الكنيسة من الأرض إلى القمر لكن العالم سيبقى محيطاً بها بشكل روحي, وقد تهرب الكنيسة من العالم بشكل روحي لكن العالم سيبقى محيطاً بها بشكل مادي.

إن هروب الكنيسة الجغرافي من العالم يُخسرها دورها التوسعي, ويسقطها في قبضته الروحية. أما اتصالها الجغرافي بالعالم فيحقق دورها بالتمدد ويسقط من وصلتهم في قبضتها الروحية.  

كل ما في العالم تحت حكم الموت, فالأشياء التي في العالم, وشهوة العالم, وزينة العالم, وحكمة العالم, وموضة العالم, ونجاسات العالم, ونجاح العالم, وكل ما يخصه ميت بالنسبة للكنيسة, قد انتن. إنه قرارها, لا التقاء بين الحياة والموت, لا التقاء بين الظلمة والنور.

وللكنيسة رسالة واضحة في سيرة معلمها الرب يسوع المسيح الذي قيل عنه (قُدُّوسٌ بِلاَ شَرٍّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ(أدبياً) عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ) عبرانيين7: 26, أما جغرافياً فقيل عنه (وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ) لوقا15: 1.

بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب