سؤال و جواب
تسجيل

    

 

 

سؤال: ما هو موقف المؤمن من الانخراط بالعمل السياسي؟

.

 

الجواب: باختصارٍ لا, ولكن لماذا؟

1-المؤمن هو سفير السماء على الارض(2كو5: 20), اي انه صاحب الجنسية السماوية وليس الارضية(في3: 20). وهذا يرتب عليه مسؤولية ان يمثل بلاده السماوية خير تمثيل في هذا العالم الذي يعيش فيه. وهذا التمثيل يتضمن سلوكا شريفا مميزا في خضوع كامل للقوانين الارضية التي لا تتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس(1بط2: 13-14). وهو سلوكا ليس مشروطا بكون السلطات التي يخضع لها صالحة او غير صالحة(1بط2: 18). والسفير على ما هو معلوم ليس لديه أية صلاحية لإجراء أي تغيير في البلد الذي تقوم فيه سفارته.

2-المؤمن غريب في هذا العالم, انه ليس من هذا العالم الذي وضع في الشرير(يو15: 19), وبالتالي يعيش فيه كما يعيش النزيل في الفندق, او المسافر من بلده الى بلد آخر(1بط2: 11). انه دائم المشغولية ليس في تغيير الفندق, ولكن في بيته الذي سيعود اليه عن قريب. و بتعبير آخر إنه مشغول في وطنه السماوي, وليس في عالم قد وضع في الشرير.

3-لاتوجد على الارض حكومة مسيحية, لأنه بالأصل لاتوجد دولة مسيحية. فالمؤمنين هم افراد منتشرون في كل اصقاع الارض. ولم يكونوا ولن يكونوا في يوم من الأيام دولة ذات سيادة في اية بقعة على الأرض.

4-عرضَ الشيطان على الرب يسوع ان يعطيه كل ممالك العالم, لكن الرب يسوع رفض(مت4: 9). لان هذا العالم غير قابل للإصلاح. وهو عالم مملوء بالخطية. فكيف يمكن للقدوس البار ان يملك على هكذا رعية. نعم هو ملك, وسيملك, لكن ليس على هؤلاء, بل على اناس هم شركاء الطبيعة الالهية, مولودين ثانية, ليس ولادة جسدية, لكن ولادة روحيه. اناس يستطيعون ان ينسجموا مع قداسته. فإن كان هذا رأي الرب في العالم فكم بالحري يكون رأينا.

5-حتى يستطيع المؤمن دخول مراكز القرار في هذا العالم عليه ان يُعدّل الكثير من قناعاته لكي تُفتح له الابواب. وان فتحت له الابواب فماذا يستطيع الخروف ان يفعل بين الذئاب. وماذا يستطيع الخروف ان يقول للذئب ناصحاً.

6-السياسة لها عدة تعاريف, البعض يعرّفها بانها فن العيش معاً في جماعة. وان كانت هذه هي السياسة حقاً, فالمؤمن هو رجل السياسة الاول, لأنه اكثر الناس قدرة على التعايش مع الاخرين. ولكن السؤال هل على المؤمن ان يمارس السياسة بهذا المفهوم ام على الاخرين الذين لا يقبلون التعايش الا مع امثالهم ان يمارسوا هذا المفهوم من السياسة.

البعض الاخر يعرّف السياسة بانها فن الممكن, وبهذا التعريف كيف يمكن للمؤمن أن ينخرط في السياسة. أن ينخرط في فكر يشجعه ان يتقلب حسب الظروف ؟

7- الرب يسوع المسيح أثناء وجوده على الأرض, لم يؤسس اي حزب لإصلاح الوضع الراهن. ولم يتبنى اي برنامج سياسي. ولم ينظم اي تظاهرة لدعم, او لرفض برنامج, او شخص. ولم يحاول لا من قريب, ولا من بعيد, ان يؤثر في سياسات قيصر, او بيلاطس, او هيرودس. ولم يكن له طموح ان يصل الى اي مركز سياسي. واذ سأله بيلاطس: هل انت ملك؟ لم ينفي. ولكن قال: مملكتي ليست من هذا العالم(يو18: 36). وقد قال فيه الرسول بطرس: (تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته).

8-لقد صدر الحكم من الله على هذا العالم بالموت. (تَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا). فالنتيجة النهائية او المحصلة النهائية لكل اعمال الانسان في هذا العالم مرفوضة. والسؤال كيف يمكن للمؤمن ان يشارك في عمل قد حسم من قِبل الرب بانه مرفوض. وما تنبأ به الرب عن الايام الاخيرة يثبت ان المؤمن لا يستطيع المشاركة في سياسة هذا العالم ولا حكوماته, لأن التغيير للأفضل لن يكون. (وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا لاَ تَرْتَاعُوا. لِأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ كُلُّهَا. وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. لِأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلى مَمْلَكَةٍ وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ). فالحروب بحسب النبوة هي سمة هذا العالم, والحروب كما هو معلوم سببها الظلم والجشع ومحبة المال. واذ تكلم الرب لن يغير من كلامه. فالحكومات البشرية مسارها, والنهاية التي تنظرها محتومة. وتدخل البعض من المؤمنين لن يغير ما قد خرج من فم الرب.