دراسات عامة
تسجيل

تتكرر كلمة " بارك " ـ ومشتقاتها المختلفة ـ في العهد القديم أكثر منها في العهد الجديد. وقد تعني كلمة " بركة " نفس العبارة التي ينطق بها (كما في تث 33 : 1، يش 8 : 34، يع 3 : 10 ). وأحياناً قد تعنى الشيء المراد نواله أو تحقيقه كما في قول عيسو لأبيه يعقوب : " أما أبقيت لي بركة؟ " (تك 27 : 36 )، وكما يقول : " بركة الرب هي تغني " ( أمثال 10 : 22 ). ويختلف مفهوم الكلمة تبعاً للقرينة :

.

 

1- ترد الكلمة لأول مرة في سفر التكوين ( 1 : 22 )، فبعد أن " خلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التي فاضت بها المياه كأجناسها وكل طائر ذي جناح كجنسه، ورأى الله ذلك أنه حسن.. باركها الله قائلاً : أثمرى وأكثري.. "، وتدل القرينة على المعني المقصود، وهو إسباغ الخير عليها، وهو هنا منحها الرغبة والقوة على التكاثر. وبهذا المفهوم تُستخدم في كلا العهدين القديم والجديد، والقرينة هي التي تحدد طبيعة البركة الممنوحة، فمثلاً إذا كان مستقبل البركة هو الإِنسان، فالقرينة تبين هل هي بركة زمنيه وقتية أو روحية أو كلاهما. ولكننا في سفر التكوين ( 2 : 3 ) نقرأ: " وبارك الله اليوم السابع وقدسه "، وهنا نجد أن البركة معناها تخصيص هذا اليوم وتكريسه للرب.

2- في الحالتين السابقتين، كان الخالق هو مصدر البركة، والخلائق هي التي استقبلت البركة، ولكن في بعض الأحيان نجد الأمر على العكس من ذلك، فنجد المخلوق (الإِنسان) هو الذي يبارك الخالق، فمثلاً نقرأ في سفر التكوين ( 24 : 48 ) أن عبد إبراهيم يقول : " خررت وسجدت للرب وباركت الرب إله سيدي إبراهيم " وواضح أن المقصود بها هنا هو السجود لله وتعظيمه وحمده.

3- ثمة مفهوم ثالث عندما يكون الطرفان من البشر، ففي التكوين ( 24 : 60 ) نقرأ أن لابان ونبوئيل ومن معهما " باركوا رفقة وقالوا لها أنت أختنا. صيري ألوف ربوات "، وكلمة " باركوا " هنا تعبر عن رغبتهم أو أمنيتهم في أن يتحقق لها ما طلبوه. وفي أحيان أخرى قد تتضمن بركة إنسان لإنسان مفهوماً نبوياً، مثلما بارك إسحق يعقوب (تك 27 : 4، 27) وكأن الله هو المتكلم على فمه، والكلمة هنا تحمل معنى الصلاة من أجله، كما تحمل أيضاً مفهوم النبوة. كما أن أقوال بلعام كانت نبوات عن مستقبل شعب الله القديم ( العدد 23 : 9، 10، 11، 23، 24 ).

ومع أن هذه كلها أمثلة من العهد القديم، فإن استعمال كلمة بركة في العهد الجديد قلما يخرج عن تلك المعاني، " فمباركة الخبز "، التي نقرأ عنها في الأناجيل، تعنى تقديم الشكر لأجله، والفكرة في ذلك هي أن أي خير نتقبله بشكر هو " بركة " ( انظر مت 14 : 19، 15 : 36 مع اكو 11 : 24 ).

هذا المقال مأخوذ عن دائرة المعارف الكتابية