دراسات و عقائد
تسجيل

أمر الرب يسوع المسيح تلاميذه قبل الصعود قائلاً (فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ...)متى28: 19-20, وهذا بالضبط ما فعله التلاميذ (أعمال2: 41+ 8: 12, 38 + 9: 18 + 10: 48 + 16: 15, 33 + 18: 8) بعد حلول الروح القدس, لدرجة أنه لا يوجد ذكر في كل العهد الجديد لمسيحي غير معتمد.

.

* معنى كلمة معمودية

هذه الكلمة لم ترد مع كل مشتقاتها في العهد القديم, إنها مصطلح يختص فقط بالعهد الجديد, وهي مشتقة من (bap'-to) وتعني (يُبلّل, يغطس, يَصبغ بالغمر). بحسب قاموس

(Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries G907)

* أول ذكر للمعمودية في العهد الجديد ارتبط بيوحنا المعمدان (حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنّ وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ) متى3: 5-6. وهذه المعمودية هي علامة فقط على التوبة من الخطية (معمودية التوبة), والغاية منها كان إعداد الناس للدخول في ملكوت المسيح(أعمال19: 4).

ثم بعد ذلك نقرأ عن معمودية مشابهة لمعمودية يوحنا المعمدان مارسها تلاميذ المسيح أثناء فترة وجود المسيح على الأرض (فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ هُوَ يُعَمِّدُ وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ»)(يوحنا3: 26), (مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ)(يوحنا4: 2). هذه المعمودية لم تختلف في شكلها أو مضمونها عن معمودية يوحنا المعمدان كونها معمودية مؤقتة ارتبطت بفترة زمنية محددة من خدمة المسيح.

أما المعمودية المسيحية التي تشير إلى اتحاد المؤمن بالمسيح فقد أمر بها الرب يسوع بعد قيامته, وقبل صعوده إلى السماء (فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ)متى28: 19-20, (وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.)مرقس16: 15-16, وهذا ما فعله الرسل اعتباراً من يوم الخمسين وصاعداً (فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ..)اعمال2: 38. لاحظ هنا التغيير في مفهوم المعمودية, فهي لم تعد مرتبطة بالتوبة, بل باسم المسيح, وهي تليها. وكذلك فعل بقية التلاميذ (فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ فَعَمَّدَهُ)أعمال8: 38.

* أهمية المعمودية

إن طقس المعمودية هو عمل طاعة, مرتبط بوصية الرب, وهو يرمز لاتحاد المؤمن بالمسيح في موته ودفنه وقيامته(رومية6: 3-4 + كو2: 12 + 1بطرس3: 21), ويتم بعد الإيمان (بعد موت الإنسان العتيق)(رومية:6: 4) وليس قبله, ولمرة واحدة فقط (افسس4: 5)

وبالحقيقة فإن كل عمل حسب الكتاب المقدس ينبغي أن يُبنى على الإيمان المرتبط بوصية لينال العابد من خلاله بركة ما, وما هو خلاف ذلك لا قيمة له. وهذا ما يحصل في المعمودية.

* كيف تتم المعمودية

بحسب المعنى اللغوي للكلمة, وبحسب الرمز الموجود فيها, وبحسب معمودية الرب يسوع المسيح (فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ) متى3: 16. ينبغي أن تكون المعمودية بالغطس الذي يصور تماماً الموت والدفن والقيامة لجدة الحياة.

بينما بقية الطرق كالرش أو السكب تَحرم طقس المعمودية من معناه.

ولكن في حالة ندرة المياه, أو في بعض الضرورات والاعتبارات الخاصة, فإنه لا يمكن الاستغناء عن الطرق الأخرى.

* من هم الذين يعتمدون

هناك تعليمان بهذا الخصوص, الأول يقول بأن المعمودية فريضة يؤديها من آمن بالمسيح بغض النظر عن العمر, والثاني يقول إنها فريضة يؤديها من آمن بالمسيح مع أولاده.

أولاً- من آمن بالمسيح بغض النظر عن العمر

وهذا الأمر يُقرّه الجميع, والكتاب المقدس يتحدث عنه بكثرة:

*(فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ)متى28: 19-20.

*(وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.)مرقس16: 15-16.

*(فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ وَاعْتَمَدُوا وَانْضَمَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ.)أعمال2: 41.

*(وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً.)أعمال8: 12.

*(وَفِيمَا هُمَا سَائِرَانِ فِي الطَّرِيقِ أَقْبَلاَ عَلَى مَاءٍ فَقَالَ الْخَصِيُّ: «هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أَنْ أَعْتَمِدَ؟» فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ». فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ فَعَمَّدَهُ.)أعمال8: 36-38.

*(فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الْأُمَمِ أَيْضاً لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: «أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضاً؟» وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّاماً.)اعمال10: 44-48.

*(أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضاً بِقِيَامَتِهِ)رومية6: 3-5.

*(الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا نَحْنُ الآنَ، أَيِ الْمَعْمُودِيَّةُ. لاَ إِزَالَةُ وَسَخِ الْجَسَدِ، بَلْ سُؤَالُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ عَنِ اللهِ بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ)1بطرس3: 21.

ثانياً- من آمن بالمسيح مع أولاده

وإليك أهم الحجج الكتابية التي يستند عليها هؤلاء:

  1. الختان (تكوين17: 9- 14)

في هذا النص نجد الرب يتكلم مع إبراهيم ويقيم عهداً معه قائلاً (هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ (الجسدي) مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ (في اليوم الثامن) فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلامَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.), وقد رأى البعض أن ختان الأطفال الذين ينحدرون من نسل إبراهيم الجسدي بغض النظر عن إيمانهم يدخلهم في علاقة عهد معه, وقالوا بالمقابل إن المعمودية هي علامة الدخول في العهد الجديد!!

الرد:

*الختان في العهد القديم كان يتم للذكور فقط لكن المعمودية في العهد الجديد

تتم للذكور والإناث.

*المعمودية ليست بديلاً للختان فقد ختن الرسول بولس تيموثاوس رغم اعتماده من قبل كتلميذ للمسيح (أعمال16: 3).

* مفهوم الختان يختلف عن مفهوم المعمودية, فالختان يُدخل الأولاد في علاقة عهد مع الله مشروطاً بالطاعة, بغض النظر عن إيمان الأولاد أو إيمان أبويهم, لذلك قيل عن هذا الشعب (لَكِنْ بِأَكْثَرِهِمْ لَمْ يُسَرَّ اللهُ لأَنَّهُمْ طُرِحُوا فِي الْقَفْرِ) 1كورنثوس10: 5, و(الختان ينفع إن عملت بالناموس)رومية2: 25. أمّا المعمودية فهي طقس لا يُدخل المعتمد بعلاقة عهد, لكن يشير إلى أن المعتمد قد سبق ودخل في علاقة عهد مع الله, وهذه العلاقة بُنيت على إيمانه, والمعمودية تنفع من يحيا بالنعمة.

* (ابْنَ ثَمَانِيَةِ ايَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي اجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ)تكوين17: 12, فإن كان مقبولاً أن يُختن الخدم الغرباء مع أولاد البيت, فإنه من غير الطبيعي أن يعتمد الغريب مع المؤمن حتى لو كان يقطن في بيته.

* مع أن المسيح اختُتن في اليوم الثامن, لكنه عاد واعتمد من يوحنا المعمدان في بداية خدمته. فلماذا أجرى المسيح الفريضتان إن كانت الواحدة رمزا للأخرى.

*يؤكد الكتاب المقدس أن الختان هو رمز لختان القلب بالروح (رومية2: 28-29), وليس للمعمودية, وهذا ما كان يحتاجه اليهود مع كونهم مختونين بالجسد, وقد وصفهم استفانوس بقوله (يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ) أعمال7: 51.

ب- دعوة المسيح للأطفال(متى19: 13- 15)

قال البعض, إن كانت رغبة الرب مجيء الأولاد إليه, فما الذي يمنع الآن مجيئهم إليه بالمعمودية.

الرد:

* هذه الافتراضات في علم التفسير مرفوضة.

* القرينة لا تتحدث عن المعمودية, لكن عن أطفال جاؤوا للرب طلباً للبركة, ورغم أن التلاميذ قاموا بمنعهم لكن الرب دعاهم إليه ووضع يديه عليهم وباركهم. وهذا ما نفعله عندما نكرس أولادنا في الكنيسة.

ت- قول الرب (يوحنا3: 5-6)

(..إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ)

قال البعض إن الماء هنا هو الماء الحرفي, وإن الرب يسوع تكلم هنا عن ضرورة المعمودية للخلاص, وبالتالي حتى يكون للأولاد خلاص عليهم أن يعتمدوا.

الرد:

1- هذا التعليم يتناقض مع تعليم الكتاب المقدس الذي يشير بشكل صريح إلى أن الخلاص هو بالإيمان فقط, وأن ما فعله المسيح على خشبة الصليب لا يجب أن يُزاد عليه عمل آخر.

2- الرب لم يتكلم في كل هذا الإصحاح عن المعمودية. بل إنه لم يَسن المعمودية كفريضة إلا بعد قيامته من القبر, وقبل صعوده للسماء بقليل.

3- إن كلمة الماء هنا تشير إلى كلمة الله, قارن (يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّراً إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ) أفسس5: 26. والكلمة (بغسل) في الاصل اليوناني (loo-tron') تعني, موضع الاستحمام, حوض الاستحمام (مرحضة) . بحسب قاموس(Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries G3067).وهكذا يمكن ترجمة الآية على الشكل التالي (مطهراً إياها بمرحضة الماء بالكلمة (أي بكلامه))

فالخلاص لا يمكن أن يكون بعيداً عن كلمة الله (مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ)1بطرس1: 23, وأيضاً (شَاءَ فَوَلَدَنَا بِكَلِمَةِ الْحَقِّ لِكَيْ نَكُونَ بَاكُورَةً مِنْ خَلاَئِقِهِ)يعقوب1: 18.

  1. 4- الخلاص بعكس المعمودية, فهو ليس من أعمال كيلا يفتخر احد(أفسس2: 8-9), وهو ليس من مشيئة رجل بل من الله (يوحنا1: 13). 
  2. ث- قول الرسول بطرس(أعمال2: 38-40)

(فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلَهُنَا»)

قال البعض إن المعمودية بحسب هذا النص هي للكبار وأولادهم (لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ).

الرد:

هذا النص يتحدث عن مفاعيل التوبة وهي:

1-التائب تُغفر خطاياه بناءً على إيمانه بالرب يسوع المسيح كما قال الرسول بطرس في مكان آخر (لَهُ يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا)اعمال10: 43, وهو لا يمكن أن يناقض نفسه فينسب الغفران تارة للمعمودية وتارة للرب يسوع المسيح.

2-التائب الذي غُفرت خطاياه يقبل عطية الروح القدس.

هذه المفاعيل هي الموعد المُقدّم لكل مؤمن, كل من يدعوه الرب إلهنا, وبلا شك فإن الذين يدعوهم الرب إلهنا هم أشخاص قادرين على تلبية الدعوة. أما العبارة (لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ) فهي تعني ببساطة (لكم وللأجيال اللاحقة).

أما المعمودية في هذا النص فهي ضرورة يقوم بها الشخص التائب الذي غُفرت خطاياه ونال عطية الروح القدس.

ج- أهل البيت

أولاً - (اعمال16: 13-15)

(وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرَجْنَا إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ حَيْثُ جَرَتِ الْعَادَةُ أَنْ تَكُونَ صَلاَةٌ فَجَلَسْنَا وَكُنَّا نُكَلِّمُ النِّسَاءَ اللَّوَاتِي اجْتَمَعْنَ.فَكَانَتْ تَسْمَعُ امْرَأَةٌ اسْمُهَا لِيدِيَّةُ بَيَّاعَةُ أُرْجُوانٍ مِنْ مَدِينَةِ ثَيَاتِيرَا مُتَعَبِّدَةٌ لِلَّهِ فَفَتَحَ الرَّبُّ قَلْبَهَا لِتُصْغِيَ إِلَى مَا كَانَ يَقُولُهُ بُولُسُ. فَلَمَّا اعْتَمَدَتْ هِيَ وَأَهْلُ بَيْتِهَا طَلَبَتْ قَائِلَةً: «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ حَكَمْتُمْ أَنِّي مُؤْمِنَةٌ بِالرَّبِّ فَادْخُلُوا بَيْتِي وَامْكُثُوا». فَأَلْزَمَتْنَا.)

قال البعض إن هذا النص يَحتمل أن يكون في بيت ليديا أطفال, وبما أنها اعتمدت مع أهل بيتها فما المانع أن نُعمّد أطفالنا.

الرد:

*(أهل بيتها) عبارة احتمالية, وهي تفترض ولا ترجح وجود أطفال بنسبة (50 0/0), وفي علم التفسير لا يمكن أن تُبنى عقيدة على عبارة احتمالية.

*عبارة (أهل بيتها) بحسب النص اليوناني(oy'-kos) تحمل معنى (عائلة يرتبط أفرادها بعلاقة قريبة أو بعيدة، وذلك بشكل حرفي أَو مجازي), بحسب قاموس (Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries G3624). وهذا قد يعني إمّا ليديا وزوجها وأولادها, أو ليديا وأقرباؤها, أو ليديا وعبيدها وجواريها, أو كل هؤلاء.

* المعمودية حصلت خارج البيت, بل خارج المدينة, ومن يستطيع أن يؤكد أن ليديا قد اصطحبت معها أطفالها للعبادة.

*بعد أن خرج بولس وسيلا من السجن في فيلبي يقول الكتاب عنهم في ذات الإصحاح (فَخَرَجَا مِنَ السِّجْنِ وَدَخَلاَ عِنْدَ لِيدِيَّةَ فَأَبْصَرَا الإِخْوَةَ وعَزَّيَاهُمْ ثُمَّ خَرَجَا)اعمال16: 40, ومن المعلوم بحسب هذا الإصحاح أن ليديا أول من آمن في فيلبي وبعدها سجان فيلبي والذين له, وبالتالي كلمة إخوة تحتمل عدة معانٍ:

1- أهل بيت ليدية فقط, لأنه لا يوجد في المدينة مسيحيون غيرهم. وبالتالي لا يمكن أن يكون أهل بيتها أطفال.

2- أهل بيت ليديا مع تيموثاوس ولوقا, وهو أمر مرجح. وبكل الأحوال التعزية لا يمكن أن تشمل أطفال.

ثانياً – (أعمال16: 25- 34)

(فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ).

قال البعض إن عبارة (الذين له) تحتمل وجود أطفال. وبالتالي ما المانع أن نُعمّد أطفالنا!

الرد:

*(الذين له) عبارة احتمالية, هي تفترض ولا ترجح وجود أطفال بنسبة (50 0/0). وفي علم التفسير لا يمكن أن تُبنى عقيدة على عبارة احتمالية.

*(وَكَلَّمَاهُ وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ.) ومن الطبيعي أن هذه العبارة لا تتضمن أطفال.

*(فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ.), هذا يعني أن المعمودية حدثت بعد منتصف الليل, وحدثت في السجن. لأنه قيل بعد ذلك(وَلَمَّا أَصْعَدَهُمَا(من السجن) إِلَى بَيْتِهِ قَدَّمَ لَهُمَا مَائِدَةً وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ(في السجن) قَدْ آمَنَ بِاللَّهِ), وبالتأكيد لا يمكن لحافظ السجن أن يأتي بأطفاله ليسهروا معه في السجن حتى ما بعد منتصف الليل, ثم يأتي بهم إلى بولس ليسمعوا منه كلمة الرب ثم يعتمدوا.

*(وَلَمَّا أَصْعَدَهُمَا(من السجن) إِلَى بَيْتِهِ قَدَّمَ لَهُمَا مَائِدَةً وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ(في السجن) قَدْ آمَنَ بِاللَّهِ), بلا شك إن هذا الفرحلم يشمل أطفال السجان, لكن أولاده الكبار أو ربما أقرباءه أو عبيده الخ..

ثالثاُ- (1كورنثوس1: 16)

(وَعَمَّدْتُ أَيْضاً بَيْتَ اسْتِفَانُوسَ. عَدَا ذَلِكَ لَسْتُ أَعْلَمُ هَلْ عَمَّدْتُ أَحَداً آخَرَ)

قال البعض إن عبارة بيت استفانوس تحتمل وجود أطفال. وبالتالي ما المانع أن نُعمّد أطفالنا!

الرد:

إضافة لما قلناه عن أهل البيت, فإن الرسول بولس في ختام رسالته يكتب هذه الكلمات (وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ بَيْتَ اسْتِفَانَاسَ أَنَّهُمْ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ وَقَدْ رَتَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ الْقِدِّيسِينَ كَيْ تَخْضَعُوا أَنْتُمْ أَيْضاً لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ وَكُلِّ مَنْ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيَتْعَبُ.)1كورنثوس16: 15-16, وبلا شك فإن الرسول بولس لا يطلب من المؤمنين الخضوع لأطفال, ولا الأطفال بقادرين على خدمة القديسين.

* ماهو مصير غير المعتمدين

(مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.)مرقس16: 16, المعمودية لا تحدد مصير العابد من جهة نواله للحياة الأبدية, كون الحياة الأبدية مرتبطة بعمل المسيح وليس بأي عمل من أعمال المؤمن.

لكن المعمودية باعتبارها عمل مبني على إيمان العابد, فلا شك أن لممارستها بركة, كما كل عمل مرتبط بوصية, وعدم ممارستها هو خسارة لهذه البركة ليس أكثر ولا أقل. وكمثال على ذلك وصية المسامحة, أو المحبة, عندما يمارسها العابد مع الآخرين ينال بركة, وعندما يكسرها(أي يرفض ممارستها مخالفاً بذلك وصية الرب) يخسر البركات المرتبطة بها دون أن يخسر حياته الأبدية.

* هل من بديل للمعمودية:

يعتقد البعض أن المعمودية بالروح القدس تلغي المعمودية بالماء, لكن هذا الرأي مع شيوعه ليس كتابياً, فمعمودية الماء شيء, ومعمودية الروح القدس شيء آخر.

إضافة لكون معمودية الماء هي فريضة لازمة لمن اعتمد بالروح القدس أي للمؤمن. وسفر أعمال الرسل يخبرنا أن الذين اعتمدوا بالروح القدس اعتمدوا بالماء أيضاً.

بقلم خادم الرب, نبيل سمعان يعقوب


 

حمل الملف على شكل pdf

06.pdf